الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص68
والرابع : أن معناه إلا لنميز أهل اليقين من أهل الشك ، وهذا قول ابن عباس ، فأما قوله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ] ففيه ستة تأويلات :
أحدهما : ما قاله الأولون من تخيير الله تعالى لنبيه ( ص ) أن يستقبل حيث شاء قبل استقبال الكعبة
والثاني : أنها نزلت في صلاة التطوع للسائر حيث توجه ، وللخائف في الفرض حيث تمكن من شرق ، أو غرب ، وهذا قول ابن عمر
والثالث : أنها نزلت فيمن خفيت عليهم القبلة فلم يعرفوها فصلوا إلى جهات مختلفة
والسبب الرابع : أن سبب نزولها أن الله تعالى لما أنزل قوله تعالى : ( ادعوني أستجب لكم ) [ غافر : 60 ] قالوا إلى أين فنزلت ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ] وهذا قول مجاهد
والخامس : أن معناه وحيثما كنتم من مشرق ، أو مغرب فلكم جهة الكعبة تستقبلونها
والسادس : أن سبب نزولها أن النبي ( ص ) حين استقبلت الكعبة تكلمت اليهود فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وهذا قول ابن عباس
وقال ابن عباس : إنما كرهها ، لأنه أحب الكعبة قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام وكره العدول عنها فسأل الله تعالى أن يحول قبلته إلى الكعبة فأنزل الله تعالى : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ) [ البقرة : 144 ] يعني : الكعبة ( فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) [ البقرة : 144 ] أي : نحوه وجهته ، وعنى بالمسجد الحرام الكعبة لقوله تعالى : ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ) [ المائدة : 97 ] فنسخ الله بهذه الآية استقبال بيت المقدس ، وفرض استقبال الكعبة ، واختلفوا في زمان النسخ فقال قوم : كان ذلك في رجب قبل بدر بشهرين ، وهذا قول من روى أنه ( ص ) استقبل بيت المقدس بعد الهجرة بستة عشر شهراً [ وقال آخرون بل كان في شعبان وهذا قول من روى أنه ( ص ) استقبل بيت المقدس بعد الهجرة بسبعة عشر