الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص62
والحال الرابعة : أن يصلح لكل واحد منهما ، ولا يعجز عن أحدهما وليس يمكنه الجمع بينهما فقد اختلف أصحابنا أيهما أفضل له أن ينقطع إليه وينفر به ؟ على وجهين :
أحدهما : أن الإمامة أفضل من الأذان ، لأن النبي ( ص ) تفرد بالإمامة دون الأذان ، وكذلك خلفاؤه الراشدون بعده وهو لا ينفرد إلا بأفضل الأمرين وأعلى المنزلتين ؛ لأن الإمامة أكثر عملاً وأظهر مشقة ، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة
والوجه الثاني : إن الآذان أفضل لقوله ( ص ) : ‘ الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن اللهم فأرشد الأئمة وأغفر للمؤذنين ‘ فدل هذا الخبر على فضل الأذان على الإمامة من وجهين :
أحدهما : أن منزلة الأمانة أعلى من منزلة الضمان
والثاني : أنه دعاء للإمام بالرشد ، وذلك لخوفه من زيغه ، ودعا للمؤذن بالمغفرة وذلك لعلمه بسلامة حاله ، وأما ترك النبي ( ص ) الأذان بالإمامة ففيها أجوبة :
أحدها : أن في الأذان الشهادة برسالته واعترف غيره بذلك أولى
والثاني : أنه لو أذن لكان لا يحتاج أن يقول وأشهد أني رسول الله فلا يأمن أن يتبعه المؤذنون فيه
والثالث : انه كان متشاغلاً بالرسالة ، والقيام بأمر المسلمين عن الفراغ للأذان والانقطاع إليه ، وكذلك قال عمر – رضي الله عنه : ‘ لولا الخلافة لأذنت ‘
قال الماوردي : وهذا كما قال تعجيل الصلاة لأول وقتها أفضل من تأخيرها على ما سنفصله
وقال أبو حنيفة : تأخير الصلاة أفضل إلا المغرب استدلالاً برواية محمود بن لبيد عن رافع بن خديج أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم ‘