الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص61
قال الماوردي : أما الأذان فالقيام به فضيلة ، وفي الانقطاع إليه والتشاغل به قربه عظيمة .
روي سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ لو يعلم الناس ما في التأذين لتنافسوا فيه )
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ‘
وفي ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنهم أكثر الناس رجاء وأملاً ، ومن قولهم عنقي إليك ممدود
والثاني : أنهم أكثر الناس جمعاً ، وأظهرهم حزباً ، من قولهم رأيت عنقاً من الناس أي : جمعاً
والثالث : أنهم أكثر الناس إسراعاً إلى الخير ، من قولهم فلان يسير العنق أي : يسرع في السير
وروى زياد أبو معشر قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ‘ لو كنت مؤذناً ما باليت إلا أجاهد ، ولا أحج ، ولا أعتمر بعد حجة الإسلام ‘
وروى عبد الله بن الحسن قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ‘ ما أتسامح على شئ إلا أنني كنت سألت النبي ( ص ) الأذان للحسن والحسين – والله أعلم – ‘
فإذا قيل : فأيما أفضل الأذان أو الإقامة قلنا للإنسان فيها أربعة أحوال :
أحدها : أن يمكنه القيام بهما والفراغ لهما والجمع بينهما أولى لحوز شرف المنزلتين ، وثواب الفضيلتين
والحال الثانية : أن يكون عاجزاً عن الإمامة لقلة علمه بأحكام الصلاة وضعف قراءته ، ويكون قادراً على الأذان ، لعلو صوته ، ومعرفته بالأوقات فأولى بمثل هذا أن ينفرد بالأذان ، فهو أفضل له ، ولا يتعرض للإمامة
والحال الثالثة : أن يكون عاجزاً عن الأذان لضعف قوته وقلة إبلاغه ويكون قيماً بالإمامة ، لعلمه بأحكام الصلاة وصحة قراءته ، فالأفضل لهذا أن يكون إماماً ولا ينتدب للأذان