الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص54
عهد رسول الله ( ص ) مرتين مرتين ، والإقامة مرة مرة غير أنه يقول : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة .
وروى عمار بن سعد القرظ عن أبيه أنه أذن مثنى مثنى ، وأقام فرادى ، وقال هذا الذي أمر رسول الله ( ص ) بلالا أن يؤذن به لأبي سلمة بن الأكوع فإنه كان الأذان على عهد رسول الله ( ص ) مثنى مثنى ، والإقامة فرادى .
وروى محمد بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب أنه قال : نزل جبريل بالإقامة فرادى ، ولأنه ثان لأول يستفتح بتكبيرات متوالية فوجب أن يكون الثاني أقصر من الأول ، كصلاة العيدين في عدد التكبير ، ولأن الأذان أو في صفة من الإقامة ، لأنه يأتي به مرتلا ، وبالإقامة أدراجا ، فاقتضى أن يكون أوفى قدرا ، كالركعتين الأوليتين لما كانت أوفى صفة بالجهر كانت أوفى قدرا بالسورة ، ولأن أسباب الصلاة إذا تجانست ، وبني أحدهما على التخفيف بني على التبعيض ، كالتيمم لما جانس الوضوء ثم يبنى على التخفيف في تجويزه بالتراب ، والمسح بني على التخفيف في الاقتصار من الأعضاء على البعض والرأس ، لما قصر عن الأعضاء بالتخفيف قسما قصر عنها بالتخفيف تبعيضا ، فلما كانت الإقامة مبنية على التخفيف أدراجا اقتضى أن يكون على التخفيف تبعيضا .
وأما الجواب عن حديث أبي محذورة وبلال فمن وجهين :
أحدهما : أنها كانت متقدمة تعقبها إخبارنا ، لأنه أمرهم بالإفراد بعد أن كانوا على خلافه .
والثاني : أنها وإن عارضت أخبارنا فأخبارنا أولى لمطابقة فعل أهل الحرمين لها .
وأما قياسهم على الآذان فالمعنى فيه أنه لما وضع للأعلام كان أكمل قدرا كما كان أكمل صفة ، والإقامة لما وضعت للاستفتاح كانت أقل قدرا ، كما كانت أقل صفة .
وأما قياسهم على الطرف الآخر فلا يصح ، لأن الأذان لما كان موضوعا للإعلام وكان الإعلام بأوله كان أوله زائدا على آخره زائد الحصول الإعلام بأوله والإقامة لما كانت موضوعة للاستفتاح جاز أن يستوي أولها وآخرها .
وأما قولهم : إنه لما كان في الإقامة ما ليس في الأذان فأولى أن يكون فيها ما في الأذان ، ففاسد بالتثويب ثم بالترتيل فإن صح ما ذكرنا فالسنة في الأذان التثنية بالترجيع والسنة