الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص50
من فيه كفاية سقط فرضه عن الباقين ، كذلك الأذان إذا انتشر فعله في البلد والقبيلة انتشارا ظاهرا سقط فرضه عن الباقين وإن لم يؤذن ، أو أذن ولم ينتشر في البلد انتشارا ظاهرا خرج الناس أجمعون ، وأما أذان الجمعة فزعم أبو سعيد : أنه واجب بالإجماع ، وذهب سائر أصحابنا إلى أن الأذان للجمعة وغيرها سنة ، وليس بواجب ، لأن ما يمنع من وجوبه على أعيان الجماعات وآحاد المصلين منع من إيجابه على الكفاية فعلى هذا إذا قيل بوجوبه على الكفاية فأطبق أهل بلد على تركه قوتلوا عليه وحوربوا لأجله وإذا قيل : إنه سنة على مذهب الجمهور من أصحابنا فلو أطبق أهل بلد على تركه فهل يقاتلون أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يقاتلون على تركه ، لأن في إهمالهم وتركه ذريعة إلى إهمال السنن وحابطا لها حتى إذا انقرض العصر عليه ونشأ بعدهم قوم لم يروه سنة ولا اعتقدوه شرعا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أنهم لا يقاتلون على تركه ولكن يعنفون بالقول ويزجرون بالإنكار ، ولو قوتلوا عليه لخرج من حكم المسنون إلى حد الواجب .
روى أبو قلابة عن مالك بن الحويرث قال : ‘ أتيت رسول الله ( ص ) أنا ورجل فودعنا وقال : إذا سافرتما وحضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما ‘ .
أحدهما : قاله في القديم قد سقط عنه بسماعه ، كما لو كان مسموعا من جماعة .
والثاني : قاله في الجديد وهو أصح أن سنة الأذان باقية عليه ، لأن لكل جماعة أذانا مسنونا .