پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص49

واجبا ، ولأن النبي ( ص ) كان يبعث أصحابه في السرايا ، ويأمرهم إن لم يسمعوا الأذان يشنوا عليهم الغارة ، وإن سمعوا الأذان كفوا ، ولم يشنوا الغارة فصارت منزلة الأذان في منع التحريم منزلة الإيمان ، ولأن النبي ( ص ) مذ شرع الأذان داوم عليه لصلواته ، ولم يرخص في تركه في حضر ولا سفر ، ولو كان غير واجب لأبان حكمه بالترك له ، ولو دفعه .

ودليلنا : هو أن الأذان إنما ثبت عن مشورة أوقعها النبي ( ص ) بين أصحابه حتى تقدر برؤيا عبد الله بن زيد على الأذان ، وليس هذا من صفات الواجبات وإنما هو من صفات المندوبات المسنونات ، لأنه ما شرع بنفسه ، وإنما أقره على فعل غيره فإن قيل فقد روي أن معاذا جاء فدخل في صلاة النبي ( ص ) ثم قام فقضى ما عليه منها فقال النبي ( ص ) ‘ إن معاذا قد سن لكم فاتبعوه ‘ .

قلنا : هذا دليلنا لأنه أمر به فصار شرعا بأمره على أن وجوب قضاء الفوائت قد علم بالشرع قبل فعل معاذ وإنما معاذ أول من فعله ، ولأن الأذان لو وجب للصلاة وكان شرطا في صحتها وجب أن يكون زمانه مستثنى من وقتها فلما قال النبي ( ص ) ‘ بين هذين وقت ‘ إشارة إلى أول الوقت وآخره من غير أن يستثني منه زمان الأذان دل على أنه ليس بشرط في صحتها ، وإنما هو سنة لها ولا يدخل عليه التيمم ، لأنه حال ضرورة ؛ ولا يعم .

فأما الجواب عن استدلالهم بالآية فهو : أن السعي غير معتبر بالنداء لأن أهل البلد يلزمهم السعي وإن لم يسمعوه ، وإنما يعتبر ذلك في الخارجين على أن هذا يفسد برد السلام هو واجب ، وليس أصل السلام الذي هو سبب الرد واجبا فلم يسلم الاستدلال على أن الجمعة قد تفارق غيرها على ما يذكره .

وأما أمره بشن الغارة على من لم يسمع أذانه فإنما كان ذلك لأنه كان أول الإسلام ودار الشرك مخالطة لدار الإسلام ، فلم يكن يمتاز الفريقان إلا به فأما الآن فقد تميزوا في الدار واشتهروا بالإسلام فلم يتعلق هذا الحكم به ألا تراه قال أيضا : إذا رأيتم مسجد فلا تغيروا وكفوا ، ولم يدل هذا على وجوب بناء المساجد ، وأما ملازمة النبي ( ص ) فإنما يدل على تأكيده ، ولا يدل على وجوبه كما لازم ركعتي الفجر لتأكدهما لا لوجوبهما على أنه قد ترك الأذان في السفر بعرفة وفي الحضر عام الخندق ، ولم يقضه ، ولو كان واجبا لقضاه كالصيام – والله أعلم – .

( فصل )

: فإذا ثبت أن الأذان والإقامة ليسا بفرض على الأعيان فقد ذهب أبو سعيد الاصطخري إلى أنه فرض على الكفاية كصلاة الجنازة وغسل الموتى ورد السلام فإذا قام به