پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص48

والقول الثاني : وبه قال في الجديد ، أنه يقيم للأولى وجميع الفوائت ، ولا يؤذن وهذا قول مالك لحديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) حبس عام الخندق حتى بعد المغرب لهوي من الليل فأخر الظهر والعصر والمغرب فأمر بلالا فأقام لكل صلاة ولم يؤذن .

وروى ابن عمر أن النبي ( ص ) جمع بين المغرب والعشاء الآخرة بمزدلفة في وقت العشاء فأمر بلالا فأقام لهما وصلاهما ، ولأن الأذان علم على فرض الوقت وليس ، بعلم على نفس الفرض ، ألا ترى أن تقدم العصر إلى وقت الظهر للجمع لا يؤذن لها وهي فرض ولأن في الأذان للفوائت إلباسا على السامعين .

والقول الثالث : وبه قال في الإملاء : إن أمل اجتماع الناس أذن ، وإن لم يؤمل اجتماع الناس لم يؤذن ، لأن مقصود الأذان اجتماع الناس به .

( فصل )

: فأما الجمع بين الصلاتين في وقت إحديهما ، فإن كان مقدما للعصر إلى وقت الظهر والعشاء إلى وقت المغرب أذن وأقام للأولى ثم أقام للثانية ولم يؤذن ، وإن كان مؤخرا للظهر إلى وقت العصر والمغرب إلى وقت العشاء كان حكم الأولى منهما في الأذان لها كالفائتة فيكون على ثلاثة أقاويل في الثانية فيقيم لها ، ولا يؤذن ، فلو أخر الأولى إلى وقت الثانية ثم قدم الصلاة الثانية حين دخل وقتها أذن للثانية وأقام ، لأنه قد أبطل الجمع بتقديمها ، وفي أذانه للأولى ثلاثة أقاويل لأنها فائتة – والله أعلم – .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ولا أحب لأحد أن يصلي في جماعة ولا وحده إلا بأذان ، وإقامة ، فإن لم يفعله أجزأه ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن الأذان ، والإقامة ، للصلوات المفروضات سنة في الجماعة والفرادى في الحضر والسفر وليس بواجب في حال ، وقال مجاهد : الأذان والإقامة واجبان معا ، لا ينوب أحدهما عن الآخر ، فإن تركهما أو أحدهما فسدت صلاته ، وقال الأوزاعي : الأذان والإقامة واجبان ، إلا أن أحدهما ينوب عن الآخر فإن أتى بأحدهما أجزأه عنهما وإن تركهما لم يجزه وأعاد إن كان وقت الصلاة باقيا ولم يعد إن كان فائتا ، وقال عطاء : الإقامة واجبة دون الأذان فإن تركهما بعذر أجزأه وإن كان بغير عذر قضى .

واستدلوا على وجوبه بقوله تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) [ الجمعة : 9 ] ، فلما كان النداء سببا للسعي ، وكان السعي واجبا كان النداء