پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص43

والثالث : هو مذهب أبي حنيفة أن الأذان خمس عشرة كلمة بإثبات التكبيرات الأربع في أوله وإسقاط ترجيع الشهادتين ، فصار مالك موافقا لنا في الترجيع مخالفا في التكبير ، وصار أبو حنيفة موافقا لنا في التكبير مخالفا في الترجيع .

واستدل أبو حنيفة بحديث عبد الله بن زيد وأنه أصل الأذان ، وهو خمس عشرة كلمة فترك الترجيع وأمر النبي ( ص ) بلالا به فكان يؤذن كذلك في الصلوات كلها بمشهده قال : ولأنه دعاء للصلاة فوجب أن يكون الترجيع غير مسنون فيه كالإقامة قال : ولأن كلمة الإخلاص إذا تعقبت التكبير وجب أن يكون على الشطر من عدد ذلك التكبير .

أصله : آخر الأذان يكبر فيه مرتين ويقول : لا إله إلا الله مرة واحدة ولأن لفظ الأذان إذا كان مسنون التكرار أربعا كان مسنون الموالاة كالتكبيرات الأولى .

ودليلنا : رواية الشافعي عن مسلم بن خالد عن أبي صالح عن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيما في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام قال : قلت لأبي محذورة أي عم إني خارج إلى الشام وإني أخشى أن أسأل عن تأذينك فأخبرني قال : نعم لما خرج رسول الله ( ص ) إلى غزاة خيبر خرجنا ننظر إليه فأذن مؤذن النبي ( ص ) فصرخنا نحكيه ونستهزئ به فلم يرسل رسول الله ( ص ) إلا وقد أخذونا وهبوا بنا إليه فقال : أيكم سمعت صوته مرتفعا فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا فأرسلهم وحبسني وقال : قم فأذن بالصلاة فقمت وما شيء أكره إلي من النبي ( ص ) ولا مما يأمر به فقمت بين يديه فألقى علي التأذين هو بنفسه فقال : قل الله أكبر الله أكبر إلى أن قال لي ارجع وامدد من صوتك ، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخر الأذان ، ثم دعا لي وأعطاني صرة فيها شيء من فضة ووضع يده على ناصيتي ، وقال : بارك الله فيك ، فقلت : يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال : قد أمرتك به فذهب كل شيء كان لرسول الله ( ص ) من كراهية وعاد ذلك محبة ، قال الشافعي : ‘ وأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز ‘ .

وروى [ محمد ] بن سعد عن أبيه سعد القرظ أن النبي ( ص ) أمر بلالا بالترجيع .

وروي أن سعد القرظ أذن ورجع وقال : هكذا أمر رسول الله ( ص ) بلالا أن يؤذن ، ولأنه سنة أهل الحرمين ينقله خلفهم عن سلفهم ، وأصاغرهم عن أكابرهم ، من غير تنازع بينهم ، ولا اختلاف فيه ، فكان ذلك من دلائل الإجماع وحجج الإتفاق ، ولأنه نوع ذكر في الأذان قبل الدعاء إلى الصلاة فوجب أن يكون من السنة تكراره أربعا ، كالتكبير فأما حديث