الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص35
أدرك ‘ ، ولأن إدراك الصلاة بزمان ركعة إنما هو لما لذلك الزمان من الحرمة ، وحرمة قليل الزمان كحرمة كثيرة فوجب أن يدرك صلاة ذلك الوقت بقليل الزمان ، وكثيره ، ولأن ما دون الركعة لما كان مساويا للركعة في إدراك صلاة الوقت .
فأما حديث أبي هريرة فالمراد به إدراك الصلاة فيكون بإدراك بعض وقتها ، وقد عارضه حديث عائشة .
وأما الجمعة في أن إدراكها لا يكون بأقل من ركعة .
فالفرق بينها وبين إدراك ما سواها بأقل من ركعة من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الجمعة لما لم يجز أن يأتي ببعضها في الوقت وبعضها خارج الوقت تغلظ حكمها ؛ فلم يدركها إلا بركعة ، وسائر الصلوات لما جاز أن يأتي ببعضها في الوقت وبعضها خارج الوقت خف حكمها فأدركها بأقل من ركعة وهذا فرق أبي إسحاق المروزي .
والثاني : أن الإدراك نوعان : إدراك إلزام ، وإدراك إسقاط ، فأما إدراك الإسقاط فلا يكون إلا بركعة كاملة كمن أدرك الإمام ساجدا لم يسقط عن نفسه تلك الركعة ، فكذا الجمعة لما كان في إدراكها إسقاط لم يدركها إلا بركعة .
وأما إدراك الإلزام فيكون بأقل من ركعة كمسافر أدرك خلف مقيم أقل من ركعة لزمه الإتمام فكذا من أدرك من الوقت أقل من ركعة لزمته تلك الصلاة لما فيها من الإلزام وهذا فرق أبي علي بن أبي هريرة .
والثالث : أن صلاة الجمعة مدركة بالفعل ، ولذلك تسقط بفوات الفعل فلم يصير مدركا إلا بما يعتد به من أفعالها ، وسائر الصلوات تدرك بالزمان فلذلك لم تسقط بفوات الزمان فصار مدركا لها بقليل الزمان وكثيره وهذا ذكره أبو حامد ، فعلى هذا يصير مدركا للعصر إذا أدرك قبل غروب الشمس بقدر الإحرام ومدركا لعشاء الآخرة إذا أدرك قبل طلوع الفجر الثاني بقدر الإحرام ، ومدركا للصبح إذا أدرك قبل طلوع الشمس بقدر الإحرام .
وإن قلنا : إنه يدرك العصر بركعة على القديم وأحد قوليه في الجديد فهل يصير مدركا للظهر بإدراك الركعة ؟ على قولين :