پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص27

وهذا نص في موضع الخلاف ومنع لما تقدم من السؤال .

وروى عبد الله بن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال : قدمت على النبي ( ص ) فسافرت معه فانقطع الناس عنه ذات ليلة ولم يبق معه غيري فلما كان أول آذان وقت الصبح أمرني أن أؤذن للصبح فأذنت وجعلت أقول أقيم وهو يقول لا وينظر إلى ناحية المشرق والفجر فلما برز الفجر نزل عن راحلته وتوضأ فتلاحق الناس به وجاء بلال ليقيم فقال يا بلال إن أخا صدا أذن وإنما يقيم من أذن ‘ .

وهذا نص وروي عن سعد القرظ قال أذنا في زمن النبي ( ص ) بقباء ، وفي زمن عمر بالمدينة ، فكان في أذاننا للصبح لوقت واحد في الشتاء ، لسبع ونصف يبقى ، وفي الصيف لسبع يبقى ، ومعلوم أنه أراد لبقاء سبع ونصف من الليل لا من النهار فدل على تقديم الأذان على الفجر .

فإن قيل : إنما أراد لبقاء سبع ونصف إلى طلوع الشمس وبعد ذلك يكون بعد طلوع الفجر ، فقيل : هذا بعيد ، لأن ما بعد الفجر ليس من الليل فيضاف إليه ، ثم لو كان كما قالوا لثبت استدلالنا به أيضا ، لأن ما بين طلوع الفجر والشمس يكون مثل سبع ذلك اليوم في طوله وقصره وهو كان يتقدم لسبع ونصف فدل على أنه تقدم على الفجر ، ولأن الفجر يتعلق به عبادتان الصوم ، وصلاة الصبح ، فلما جاز في الصوم تقديم بعض أسبابه على الفجر ، وهو النية للحاجة الداعية إلى تقديمها جاز في صلاة الصبح تقديم بعض أسبابها وهو الأذان للحاجة الداعية إليه ، ليتأهب الناس لها فيدركون فضيلة تعجيلها فكذلك هو الاستدلال قياسا أنها عبادة يدخل وقتها بطلوع الفجر فجاز تقديم بعض أسبابها عليه كالصوم ، ولأنها صلاة جهر في نهار فجاز تقديم آذانها قبل جواز فعلها كالجمعة يؤذن لها قبل خطبتها ، ولأن الأذان إن جعل تنبيها على الوقت كما أن الإقامة جعلت تنبيها على الفعل ، فلما جاز إيقاع الإقامة قبل الفعل جاز ارتفاع الأذان قبل الوقت .

فأما الجواب عن قوله : ‘ لا تؤذن حتى يستنير لك الفجر هكذا ‘ فهو أن المراد به الإقامة ، لأنه قد سمي آذانا قال النبي ( ص ) ‘ بين كل أذانين صلاة إلا المغرب ‘ يعني : بين كل أذان وإقامة .