پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص25

والثاني : أنه اجتماع الليل وظلمته فعلى هذا قد يظلم الليل إذا غاب الشفق الأحمر ، أو يحمل على وقتها الثاني ، وكذا الجواب عن اسوداد الأفق ، وأما استدلالهم فمدفوع بمعارضتنا له بما ذكرنا من استدلالنا – والله أعلم بالصواب – .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ثم لا يزال وقت العشاء قائما حتى يذهب ثلث الليل ‘ .

قال الماوردي : اختلف نص الشافعي على حسب اختلاف الرواية فيه فقال في القديم ، والإملاء : آخره نصف الليل ، وقال في الجديد : آخره ثلث الليل فاختلف أصحابنا فكان جمهورهم يخرجون ذلك على قولين :

أحدهما : أنه إلى نصف الليل وهو في الصحابة قول ابن مسعود ، وفي التابعين قول مجاهد ، وقتادة ، وفي الفقهاء قول أبي حنيفة وأبي ثور .

ووجهه رواية عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ وقت المغرب ما لم يسقط نور الشفق ، ووقت العشاء إلى نصف الليل ‘ .

وروى أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله ( ص ) العشاء حين ذهب نصف الليل ‘ .

والقول الثاني : أنه إلى ثلث الليل وهو في الصحابة قول عمر ، وأبي هريرة ، وفي الفقهاء قول الأوزاعي ، والثوري .

ووجهه حديث ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ أمني جبريل فصلى بي عشاء الآخرة في اليوم الثاني حيث ذهب ثلث الليل ‘ وكان أبو العباس بن سريج يمنع تخريج ذلك على قولين ، ويجعل اختلاف الرواية عن النبي ( ص ) فيما حكينا واختلاف النص عن الشافعي فيما ذكرنا على اختلاف حال الابتداء والانتهاء ، فيستعمل رواية من روى إلى ثلث الليل على أنه آخر وقت الابتداء بها ، وراوية من روى إلى نصف الليل على أنه آخر وقت انتهائها حتى لا يعارض بعضها بعضا ، ولا يكون قول الشافعي فيه مختلفا .

( فصل )

: فإذا تجاوز هذا القدر فقد خرج وقت الاختيار ، ثم الظاهر من مذهب الشافعي أن وقتها في الجواز باق إلى طلوع الفجر وقال أبو سعيد الاصطخري : قد خرج وقتها اختيارا وجوازا ، ومن فعلها بعده كان قاضيا لا مؤديا ، وإنما يكون ما بعد ذلك وقتا لأصحاب الأعذار دون الرفاهية ، وقد أشار إليه الشافعي في موضع من كتاب ‘ الأم ‘ لأن النبي ( ص ) لما جعل المدرك لركعة قبل غروب الشمس مدركا للعصر ، والمدرك لركعة قبل طلوع الشمس مدركا للصبح ، ولم يجعل المدرك لركعة قبل طلوع الفجر مدركا للعشاء دل على افتراق الحكمين بين هذه المواقيت ، والصحيح بقاء وقتها في الجواز إلى طلوع الفجر وقد نص عليه الشافعي في القديم لقوله ( ص ) : ‘ لا تفوت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى ‘ ، ولأنه لما كان ما بعد ثلث