الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص22
أحدها : أن السورة كانت تنزل متفرقة ولم تكن تكامل إلا بعد حين فيجوز إن قرأها قبل تكاملها وكانت آيات يسيرة ألا ترى أن سورة المزمل مع قصرها عن الأعراف فكان بين أولها وآخرها سنة .
والثاني : أنه قرأ منها الآي التي فيها ذكر الأعراف فقيل قرأ الأعراف كما يقول القائل شربت ماء المطر وأكلت خبز البصرة ، وإنما أكل وشرب شيئا منه .
والثالث : أنه محمول على الاستدامة ، وأما قياسهم على سائر الصلوات ، فالمعنى فيها : أنها شفع في العدد ، وهذا وتر في العدد ، وأما قياسهم على الظهر والعصر ، فمنازع فيه بمعارضة قياسنا له .
وأما الجواب عن استدلالهم بوجوبها على أصحاب الضرورات فهو : أن أصحاب الضرورات والأعذار يلزمهم فرضها إلى طلوع الفجر عندنا وإن لم يكن وقتا لها ، لأن وقت المغرب والعشاء في الضرورات واحد .
أحدهما : أنه مقدر بالفعل وهو أن يمضي عليه بعد غروب الشمس قدر ما يتطهر ، ويلبس ثوبه ، ويؤذن ، ويقيم ، ويصلي ثلاث ركعات على مهل ، فهذا قدر وقتها ، لأنه لما لم يكن الوقت إلا واحدا وكان ابتداؤه معلوما اقتضى أن يكون بالفعل والإمكان مقدرا .
والوجه الثاني : أنه مقدر بالعرف لا بالفعل وهو أن يكون إذا أتى بالصلاة فيه لم ينسب في العرف إلى تأخيرها عند أول الوقت من غير أن يتحدد بالفعل ، لأن الفعل يختلف فيه بالعجلة والإبطاء ، ولأن الصلاة ذات الوقتين يتقدر أول وقتها بالعرف لا بالفعل ، ومنزلة المغرب في تفردها بوقت واحد ، وإن منزلة المؤقت الأول من الوقتين فإذا ثبت تقرير وقتها بما وصفنا من الفعل أو العرف فقد اختلف أصحابنا هل هو وقت لابتداء الصلاة واستدامتها أم هو وقت لابتدائها دون استدامتها ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو الأشبه بمذهب الشافعي أنه وقت للابتداء والاستدامة ، فمن تجاوز هذا الوقت قبل إتمام الصلاة صار متمما لها في غير وقتها ، لأن سائر الأوقات المقدرة للابتداء والاستدامة .
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد ، واختاره أبو إسحاق أنه وقت للابتداء دون الاستدامة ، وأنه إذا بها ابتدأ في هذا الوقت جاز أن يستديمها إلى غروب الشفق استعمالا للأخبار كلها وتلفيقا بين مختلفها – والله أعلم – .