الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص15
أن النبي ( ص ) قال : ‘ إن للصلاة أولا وآخرا ، وآخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله وآخر وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه ‘ . وهذا نص إن كان ثابتا .
وروى عبد الله بن عمرو عن النبي ( ص ) قال : ‘ وقت الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يكون ظل الرجل بطوله ما لم تحضر العصر ‘ وهذا نص ، ولأن كل صلاتين جمعتا لحق النسك فأولاهما أقصرهما كالمغرب مع العشاء ، ثم الدليل على من ذهب إلى إشراك الوقت رواية قتادة عن أيوب عن عبد الله بن عمر ، وأن النبي ( ص ) قال : ‘ وقت الظهر ما لم يدخل وقت العصر إلى اصفرار الشمس ‘ .
وروى عنه ( ص ) أنه قال : ‘ ليس التفريط أن تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها إنما التفريط أن تؤخر حتى يدخل وقت الأخرى ‘ ، فدلت هذه الأخبار على بطلان الإشراك ، ولأنه لما امتنع إشراك الوقتين فيما سوى الظهر والعصر وامتنع من الإشراك وقت الظهر والعصر ، ولأنه قدر بما يشتركان فيه من الوقتين كثير محدود ، وذلك مؤد إلى أن يصير وقت كل واحدة منهما غير محدود ؛ لأن الظهر تصير غير محدودة الانتهاء والعصر غير محدودة الابتداء ، وأما استدلالهم بالآية فمستعمل على أحد وجهين ، إما في جنس الصلوات من الظهر ، والعصر ، والمغرب والعشاء ، وإما في أوقات أصحاب العذر ، والضرورات ، وأما استدلالهم بأن النبي ( ص ) جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر ‘ فقوله : ‘ ولا مطر ‘ زيادة لم تعرف ثم لو سلمت لاستعلمت على أحد وجهين : إما لأنه لم يكن مطر يصيبه وقت الجمع لخروجه من باب حجرته الذي إلى المسجد وإن كان المطر موجودا ، وإما أن يستعمل على أنه إن جمع بأن صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها فصار جامعا بينهما .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن الأوقات قد زيد فيها على بيان جبريل من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه يزيد فيها بالنص ، وليس فيما اختلفنا فيه من الظهر نص .
والثاني : أنه وإن زيد في بعضها فالمغرب لم يرد في وقتها فليس هم في ردها إلى ما زيد في وقت بأولى من غيرهم في ردها إلى ما لم يزد في وقته .
والثالث : أنه وإن وردت الزيادة في أوقات بعض الصلوات فقد اتفقوا أنه لا يجوز