الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص11
ولذلك سميت الصلاة استغفارا قال الله تعالى : ( والمستغفرين بالاسحار ) يعني : المصلين .
والقول الرابع : أنها سميت صلاة ، لأن المصلي إذا قام بين يدي الله تعالى في الصلاة فأصابه من خشيته ومراقبته ما يلين ويستقيم إعوجاجه مأخوذ من التصلية يقال : صليت العود إذا لينته بالنار فيسهل تقويمه من الاعوجاج :
قال الشاعر :
( ولكنما صلوا عصا خيزرانة
إذا مسها عض الثقاف تلين )
والقول الخامس : أنها سميت صلاة ، لأن المصلي يتبع فعل من تقدمه فجبريل أول من تقدم بفعلها فكان النبي ( ص ) تابعا له مصليا ثم المسلمون بعده .
قال الشاعر :
( أنت المصلي وأبوك السابق
. . . . . . . . . . . . . . . )
والقول السادس : أنها سميت صلاة وفاعلها مصليا ، لأن رأس المأموم عند صلوى إمامه والصلوان عظمان عن يمين الذنب ويساره في موضع الردف قال الشاعر :
( تركت الرمح يعمل في صلاه
ويكبوا للترائب والجبين )
( فصل )
: فإذا تقرر ما وصفنا فقد قال الشافعي : ‘ والوقت للصلاة وقتان وقت مقام ورفاهية ، ووقت عذر وضرورة ‘ فقسم الشافعي أوقات الصلاة قسمين قسما جعله وقتا للمقيمين المترفهين ، وقسما جعله وقتا للمعذورين والمضطرين فاختلف أصحابنا في المقيمين المترفهين هل هم صنف واحد ؟ وفي المعذورين المضطرين هل هم أيضا صنف واحد ؟ فكان أبو علي بن خيران يذهب إلى أن وقت المقام هو أول الوقت للمقيمين الذين لا يترفهون ، ووقت الرفاهية هو آخر الوقت للمقيمين الذي لا يترفهون المرفهين بتأخير الصلاة إلى آخر الوقت وأن المعذورين هم المسافرون والمضطرون في تأخير الصلوات للجمع وأن المضطرين هم من ذكرهم الشافعي من المجنون إذا أفاق ، والحائض إذا طهرت ، والصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم ، فجعل كل واحد من القسمين منوعا نوعين لصنفين مختلفين استشهادا بأن اختلاف الأسماء تدل على اختلاف المسمى وما يختص به من الأحكام ، وقال أبو إسحاق المروزي ، وأبو علي بن أبي هريرة وجمهور أصحابنا بأن المقيمين المرفهين صنف واحد وهم : من صلى ما بين أول الوقت وآخره ، وأن المعذورين المضطرين صنف واحد هم : الذين يلزمهم فرض الصلاة في آخر الوقت كالحائض إذا طهرت ، والمجنون إذا أفاق ، والصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم ولم يرد بالمعذور المسافر ، والممطور ، لأن وقت الجمع وقت لصلاتي الجمع وقد ذكره من بعد والله أعلم .