الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص9
عبد الرحمن بن الحارث عن حكيم بن حكيم عن نافع عن جبير عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ أمني جبريل عند باب الكعبة مرتين فصلى الظهر حين كان الظل مثل الشراك ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء بقدر ظله ثم صلى المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان ظل كل شيء قدر ظله دون العصر بالأمس الأول لم يؤخرها ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلثا الليل ثم صلى الصبح حين أسفر ثم التفت فقال : يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين .
فدلت هذه السنة على ما جاءت به من تحديد الأوقات .
أحدهما : من المجمل المفتقر إلى البيان في معرفة المراد به ، لأن مجرد اللفظ لا يدل عليه ، والبيان لا يستغنى عنه .
والوجه الثاني : إن لهذا اللفظ ظاهرا يعقل معناه ما لم يرد البيان بالعدول عنه أو باستعمال شروط فيه ؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي تحدى الله به العرب ، فلو كان فيه ما ليس بمعقول المعنى لأنكروه ثم اختلفوا في الاسم هل جاء به الشرع كما جاء ببيان الحكم أو كان معروفا عند أهل اللسان والشرع المختص ببيان الأحكام على ثلاثة مذاهب :
أحدها : أن النبي ( ص ) أحدث الأسماء شرعا كما بين الأحكام شرعا ، لأنه لما جاز أن يرد الشرع بما لم يكن عبادة من قبل افتقر ما ورد به الشرع إلى أسماء مستحدثة بالشرع ، وهذا قول من زعم أن اسم الصلاة مجمل فجعله مستحدثا بالشرع ، لأن العرب لم تكن تعرفه على هذه الصفة .
والمذهب الثاني : أن الشرع مختص بورود الأحكام ، فأما الأسماء فمأخوذة من أهل اللغة واللسان ؛ لأن الأسماء لوردت شرعا لصاروا مخاطبين بما ليس من لغتهم ، ولخرج