پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص7

وأما غسق الليل ففيه تأويلان :

أحدهما : اجتماع الليل وظلمته وهو قول ابن عباس .

والثاني : إقباله ودبره وهو قول ابن مسعود ، فالمراد به على التأويل الأول صلاة العشاء الآخرة ، وعلى [ التأويل ] الثاني صلاة المغرب .

قلنا : قوله تعالى : ( وقرآن الفجر ) [ الإسراء : 78 ] فيريد به صلاة الفجر وسماها قرآن الفجر لما يتضمنها من القراءة ‘ إن قرآن الفجر كان مشهودا ‘ . فروى أبو هريرة عن النبي أنه قال : ‘ يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ‘ ، وهذا دليل ، وزعم أن صلاة الصبح ليست من صلاة الليل ولا من صلاة النهار .

وأما الآية الخامسة : قوله تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) [ البقرة : 238 ] ، فهذه الآية وإن لم تدل على مواقيت الصلوات كلها ففيها حث على المحافظة عليها بأدائها في أوقاتها ، وذكر الصلاة الوسطى التي هي أوكد الصلوات ، واختلف الناس فيها على خمسة مذاهب :

أحدها : أن الصلاة الوسطى هي صلاة الصبح ، وهذا قول ابن عباس ، وجابر ، وأبي موسى الأشعري لقوله : ‘ وقوموا لله قانتين ‘ ، وأن القنوت في الصبح ؛ ولأنها صلاة لا تجمع إلى غيرها في سفر ولا مطر لتأكدها عن غيرها من الصلوات ؛ ولأنه يجتمع فيها ظلمة الليل وضوء النهار ، وتشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار .

والمذهب الثاني : أنها صلاة الظهر ، وهو قول زيد بن ثابت ، وعبد الله بن عمر ، قال أبو عمرو : هي التي توجه منها رسول الله ( ص ) إلى القبلة ، وروى عروة عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله ( ص ) يصلي الظهر بالهاجرة ولم تكن صلاة أشد على أصحاب رسول الله ( ص ) منها قال : فنزلت ‘ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ‘ وقال : إن قبلها صلاة وبعدها صلاة .

والمذهب الثالث : أنها صلاة العصر ، وهو قول علي ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيوب ، وعائشة ، وأم سلمة ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وجمهور التابعين لرواية عبيدة السلماني عن علي قال : لم يصل رسول الله ( ص ) العصر يوم الخندق