الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص444
وضوءها قبل الوقت ، وقد تقدم الكلام معه فإذا توضأت بعد دخول الوقت فهل يلزمها فعل الصلاة على الفور في الحال أم يجوز التراخي فيها على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي العباس أنه يجوز فعلها على التراخي ما لم يخرج الوقت ؛ لأن أداء الصلاة في آخر الوقت كأدائها في أوله .
والوجه الثاني : أنه يجوز تأخيرها وعليها المبادرة بها على الفور بحسب الإمكان ، وهو الصحيح عندي ؛ لأن وضوء المستحاضة إنما يرفع الحدث المتقدم عليه ، ولا يرفع ما قارنه أو تأخر عنه ، فلم يجز أن تؤخر الصلاة مع حدثها إلا بحسب ضرورتها التي لا يمكن الاحتراز منها ، وفيه وجه ثالث أنه يجوز تأخير الصلاة انتظاراً لأسباب كمالها كالجماعة ، وقصد البقاع الشريفة ، وارتياد سترة تستقبلها وما جرى هذا المجرى ؛ لأن تأخير الصلاة لهذه الأسباب مندوب إليه ، ولا يجوز تأخيرها لغير هذه الأسباب ؛ لأنه ليس بمندوب إليه .
أحدهما : أن يجري لضعف الشداد وتقصيرها فيه فقد بطلت طهارتها وصلاتها إن كانت في الصلاة .
والضرب الثاني : أن يجري دمها لغلبته وكثرته مع كون الشداد محكماً ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون جريان الدم وسيلانه في الصلاة فصلاتها صحيحة وتيممها لقوله ( ص ) لفاطمة بنت أبي حبيش حيث وصف لها حال الاستحاضة ‘ صلي ولو قطر الدم على الحصير ‘ .
والضرب الثاني : أن يكون جريان دمها في غير الصلاة ففي بطلان طهارتها وجهان :
أحدهما : لا تبطل وهي على حال الصحة وهذا ظاهر قول أبي العباس إذ لم يجعل صلاة الاستحاضة على الفور من طهارتها .
والوجه الثاني : أن طهارتها قد بطلت كما يبطل التيمم ، برؤية الماء قبل الصلاة ، ولا يبطل برؤيته في الصلاة ، وهذا قول من جعل صلاة المستحاضة على الفور من طهارتها ، وعلى هذين الوجهين يتفرع حكم من جرى دمها في الصلاة فأرادت أن تتنفل بتلك الطهارة بعد فراغها من الصلاة ، فإن قيل : ببطلان طهارتها قبل الصلاة لم يجز أن تتنفل بتلك الطهارة إلا بطهارة مستأنفة ، وإن قيل بصحة طهارتها قبل الصلاة جاز أن تتنفل بعد تلك الصلاة فيما شاءت من صلاة وطواف .