پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص440

بعضه دماً أسود ثخين وبعضه أحمر رقيق ، فيكون السواد منه نفاساً ، والحمرة استحاضة ، وإن كان لها عادة بلا تمييز وهو أن يكون كل الدم لوناً واحداً ولها عادة سالفة في نفاس مستمر فترد إلى عادتها في نفاسها ، ويكون ما تجاوزها استحاضة ، وإن كانت مبتدأة ليس لها تمييز ولا عادة ، فقد اختلف أصحابنا فيما ترد إليه على ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها ترد إلى أقل النفاس فعلى هذا تعيد جميع ما تركت من الصلوات سواء حددنا أوله بساعة أم لا ؟ لأن الساعة حد لا يصادف وقت صلاة مستوعب ، وهذا على القول الذي ترد فيه الحائض إلى أقل حيضها .

والوجه الثاني : وهو قول ابن سريج أنها ترد إلى أوسط النفاس أربعين يوماً وتعيد صلاة ما زاد عليه ، وهذا على القول الذي ترد فيه الحائض إلى أوسط حيضها .

والوجه الثالث : وهو قول أبي إبراهيم المزني ذكره في جامعه الكبير أنها ترد إلى أكثر النفاس ستين يوماً ، وفرق بينه وبين الحيض أن النفاس يقين فجاز أن ترد فيه إلى أكثره ، وليس الحيض بيقين ، فلم يجز أن ترد فيه إلى أكثره .

( فصل )

: وإن كان لهذه النفساء التي قد تجاوز دمها ستين يوماً حيض معتاد فقد اختلف أصحابنا هل يجوز أن يتصل دم الحيض بدم النفاس أم لا ؟ على وجهين حكاهما أبو إسحاق المروزي في كتابه في الحيض .

أحدهما : لا يجوز أن يتصل ، لأن النفاس نوع من الحيض ولا يجوز أن يتصل حيض بحيض ، فكذلك نفاس بحيض ، فعلى هذا يكون الجواب على ما مضى من ردها إلى التمييز ثم إلى العادة ثم على الأوجه الثلاثة .

والوجه الثاني : يجوز أن يتصل ؛ لأن النفاس مخالف للحيض في أقله وأكثره ، فجاز أن يتصل أحدهما بالآخر ، فعلى هذا الوجه يكون التفريع فينظر في قدر الدم الزائد على الستين ، فإن لم يتجاوز خمسة عشرة يوماً فأمرها غير مشكل ، وتكون الستون يوماً نفاساً ، وما زاد على الستين حيض ، فإن كان الدم سبعين يوماً فحيضها عشرة أيام ؛ لأنك تستكمل النفاس ستين يوماً ؛ لأنه يقين ، وتجعل الزيادة بعدها حيضاً وإن بلغ دمها خمسة وسبعين يوماً ، فقد استكمل أكثر النفاس ، وأكثر الحيض ، فأما إذا تجاوز دمها خمسة وسبعين يوماً ، فقد صارت حينئذ مستحاضة ، دخلت استحاضتها في الحيض والنفاس جميعاً ، ولا يخلو حالها من أحد أمرين إما أن يكون لها تمييز أم لا ؟ فإن كانت مميزة ردت إلى تمييزها ولا يخلو حال ما ميز به من سواد من أن يتجاوز الستين أو لا يتجاوزها ، فإن تجاوز الستين ، ولم يزد على الخمسة والسبعين ، فقد استقرها نفاسها وحيضها بالتمييز ، فيكون نفاسها ستين يوماً ، والحيض ما زاد عليه ، وإن لم يتجاوز دمها ستين يوماً فقد حصل لها بالتمييز النفاس وحده ، فيكون نفاسها ستين يوماً وترد إلى عادتها في الحيض ، فإن كانت عشراً صار ما تتركه من