الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص438
وضعته حكم الولد فيما سوى النفاس ، فكذلك في النفاس وإن كان فيه خلق مصور تقضي به العدة وتصير به أم ولد ، فلا يخلو من أن ترى معه دماً أم لا ، فإن لم تر معه دماً ، وقد يوجد هذا كثيراً في نساء الأكراد فقد اختلف أصحابنا في وجوب الغسل عليها على وجهين :
أحدهما : وهو محكي عن أبي علي بن أبي هريرة أنه لا غسل عليها ، وبه قال أبو حنيفة ، لأن وجوب الغسل متعلق بانقطاع الدم ، فإن عدم الدم لم يجب الغسل .
والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج ، أن الغسل عليها واجب به ، وبه قال مالك ؛ لأن الولد مخلوق من مائها وماء الزوج ، فإذا ولدت فكأنما قد أنزلت ، فعلى هذا هل تغتسل في حال وضعها أو بعد مضي ساعة منه ؟ على وجهين من اختلافهم في أقل النفاس هل هو محدود بساعة أم لا ؟ على هذا لو كانت ولادتها في نهار رمضان فبطلان صومها على الوجهين ، إن قيل لا غسل عليها ، فهي على صومها وإن قيل بوجوب الغسل عليها بطل صومها .
أحدهما : أن يبتدئ بها مع الولادة .
والثاني : أن يبتدئ بها قبل الولادة ، فإن بدأ بها الدم قبل الولادة فلا يخلو من أن يتصل بدم الولادة أم لا ، فإن لم يتصل إلى ما بعد الولادة ، وانقطع قبلها لم يكن ذلك الدم نفاساً ، لا يختلف أصحابنا فيه ، كان كالذي تراه المرأة من الدم على حملها هل يكون حيضاً أم لا ؟ على قولين .
أحدهما : قاله في القديم وهو مذهب أبي حنيفة يكون دم فساد ، فلا يكون حيضاً .
والقول الثاني : قاله في الجديد ، وهو مذهب مالك يكون حيضاً وسنذكر توجيه القولين في موضعه من كتاب العدد ، وإن اتصل الدم بما بعد الولادة فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي الطيب بن سلمة أنه دم نفاس ، وإن أول نفاسها من حين بدأ بها الدم قبل الولادة لاتصاله بها وكونه أحد أسبابها .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن ما تقدم الولادة ليس بنفاس ، وإن أول النفاس ما بعد الولادة ؛ لأن دم النفاس ما بقي من غذاء المولود من الحيض ، فلم يجز أن يتقدم عليه ، فعلى هذين الوجهين ، لو ولدت ولدين ورأت مع الأول منهما دماً ، واتصل