الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص433
والطريقة الثانية حكاها أبو إسحاق المروزي عن بعض متقدمي أصحابنا أن المسألة على قولين لاختلاف النص في الموضعين :
أحدهما : أن أقله يوم وليلة .
والثاني : أن أقله يوم ، وهذه طريقة فاسدة ؛ لأنه إن وجد في العادة يوماً لم يكن لزيادة الليلة معنى ، وإن لم يجد لم يكن لنقصانها وجهاً .
والطريقة الثالثة : أن أقله يوم ، وإنما كان الشافعي يرى أن أقله يوم وليلة إلى أن أخبره عبد الرحمن بن مهدي أن عندهم امرأة تحيض غدوة وتطهر عشية فرجع إلى قوله ، وأصح هذه الطرق الثلاث الطريقة الأولى أن أقله يوم وليلة ، وهو المشهور من مذهبه ، والمعول عليه من قوله ، وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر ومن التابعين عطاء ومن الفقهاء الأوزاعي وابن جريج وأحمد وأبو ثور .
وقال أبو حنيفة : أقل الحيض ثلاثة أيام .
وقال أبو يوسف : لعله يومان .
وقال مالك : لا حد لأقله ، واستدل ناصر أبي حنيفة لمذهبه بما روي عن عبد الله عن العلاء بن عبد الرحمن عن مكحول عن أبي أمامة أن النبي ( ص ) قال : ‘ أقل الحيض ثلاث وليس فيما دون الثلاث يض ‘ وبرواية عدي بن ثابت عن أبيه عن جده أن النبي ( ص ) قال في المستحاضة : ‘ تدع الصلاة أقراءها ‘ قال : وأقل ما ينطلق ذكر الأيام ثلاثة وأكثره عشرة ، قال وقد روى الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال : قرء الحيض ثلاث أربع خمس حتى انتهى إلى عشر .
وقال ابن مسعود : أقل الحيض ثلاث ، وهذان صحابيان لا يقولان ذلك ، إلا عن توقيف ؛ لأن القياس لا مدخل له فيه ، قال : ولأن ما نقص من الثلاث لم يجز أن يكون حيضاً قياساً على ما نقص اليوم والليلة .
دليلنا قوله تعالى : ( وَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) ( البقرة : 222 ) فلما أطلق ذكره ولم يحد قدره فكان الرجوع فيه عند عدم حده في الشرع إلى العرف والعادة ، وكالقصر واليوم والليلة موجود في العرف والعادة ، وإن كان مختلفاً باختلاف الأبدان والأسفار والبلدان ، قال الشافعي : ووجدت نساء مكة وتهامة يحضن يوماً