الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص432
مثاله : أن تقول حيضي خمسة أيام من العشر الأول لا أعرفها وأعلم أنني كنت في اليوم الأول حائضاً ، فهذه حيضها الخمسة الأولى وطهرها الخمس الثانية ، ولو قالت : كنت في اليوم العاشر حائضاً فهذه حيضها الخمسة الثانية وطهرها الخمس الأولى ولو قالت كنت في اليوم السادس طاهراً كان حيضها الخمس الأولى . فلو قالت حيضي أحد الخمستين بكماله وكنت في الثالث حائضاً كان حيضها الخمسة الأولى ، ولو قالت : كنت في الثالث طاهراً كان حيضها الخمسة الثانية ، ولو قالت كنت في السابع طاهراً كان حيضها الخمسة الأولى ، فلو قالت : حيضي أربعة أيام من العشر ، وأخلط من أحد الخمستين في الآخر بيومين فحيضها من أول الرابع إلى آخر السابع ، ولو قالت كنت أخلط من أحد الخمستين في الآخر إما بيوم أو بيومين ، وكنت في السابع طاهراً كان حيضها من أول الثالث إلى آخر السادس ، ولو قالت كنت في اليوم الرابع طاهراً كان حيضها من أول الخامس إلى آخر الثامن فقس على هذا نظائره والله أعلم .
قال الماوردي : وهذه المسألة مقصورة على الكلام في أقل الحيض وقد اختلف الناس فيه على مذاهب شتى فأما مذهب الشافعي فالذي نص عليه ها هنا ، وفي كتاب الأم أن أقل الحيض يوم وليلة وقال في كتاب العدد أقله يوم فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين النصين على ثلاثة طرق :
أحدها : وهو طريقة المزني وابن شريح أن أقل الحيض يوم وليلة وما قاله من كتاب العدد أن أقله يوم يريد به مع ليلة ، وهذه عادة العرب وأهل اللسان أنهم يطلقون ذكر الأيام يريدون بها مع الليالي ، ويطلقون ذكر الليالي ، ويريدون بها مع الأيام ، وكقوله تعالى : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً ) ( الأعراف : 142 ) يريد مع الأيام ، وكقوله تعالى : ( تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ) ( هود : 65 ) يريد مع الليالي غير أن المزني علل لطريقته هذه تعليلاً قدح فيه أصحابنا فقال : لأن اليوم والليلة زيادة علم ، وقال أصحابنا : هذا خطأ لأن زيادة العلم وجود الأقل لا وجود الأكثر ، ولو كان اليوم والليلة أزيد علماً من اليوم لكان الثلاث أزيد علماً ، وهذا الاعتراض على المزني خطأ في تأويل كلامه ؛ لأن المزني إنما أراد به زيادة علم في النقل ، لا في الوجود .