الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص386
قسم يجوز لها فعله قبل الغسل : وهو الصوم وحده ؛ لأن الصوم لا يفتقر إلى طهارة فجاز لها الدخول فيه قبلها .
والقسم الثاني : ما لا يجوز لها فعله قبل الغسل وهو الصلاة ، والطواف ، ومس المصحف ، وقراءة القرآن ، وفي دخول المسجد وجهان ؛ إلا أن فرض الصلاة قد وجب عليها بانقطاع الدم وإن لم تغتسل ولا يجوز أن تصلي إلا بعد الغسل . فإذا اغتسلت قضت ما تركت من الصلاة بعد انقطاع دمها وقبل الغسل لقوله ( ص ) : ‘ فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي ‘ .
فذهب الشافعي ومالك وجمهور الفقهاء إلى بقائه على التحريم حتى تغتسل .
وقال أبو حنيفة : إن انقطع انقطع دمها لأكثر الحيض وهو عنده عشرة أيام جاز وطؤها قبل الغسل ، وإن انقطع لأقل من العشرة لم يجز وطؤها إلا أن تغتسل أو يمر عليها وقت صلاة استدلالاً بقوله سبحانه وتعالى : ( ولاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) ( البقرة : 222 ) فجعل انقطاع الدم غاية . والحكم بعد الغاية مخالف لما قبلها قال : ولأنها أمنت معاودة الدم فجاز وطؤها كالمغتسلة . قال : ولأنها استباحت فعل الصوم فجاز وطؤها كالمتيمم . قال : ولأن حكم وجب بعلة زال بزوالها ، وعلة التحريم : حدوث الدم . فوجب أن يزول بانقطاع الدم قال : ولأنه لم يبق بعد انقطاع الدم إلا وجوب الغسل وبقاء الغسل لا يمنع من استباحة وطئها كالجنب .
ودليلنا قوله سبحانه وتعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ( البقرة : 222 ) والاستدلال بها من وجهين :
أحدهما : أن في الآية قراءتين إحداهما : بالتخفيف وضم الهاء . ومعناها : انقطاع الدم . والأخرى بالتشديد وفتح الهاء معناها الغسل . واختلاف القراءتين كالآيتين فيستعملان معاً . ويكون تقدير ذلك : فلا تقربوهن حتى ينقطع دمهن ويغتسلن .