پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص386

( فصل )

: فإذا ثبت ما ذكرناه من هذه الأحكام التسعة في تعلقها بالحيض كان دم حيضها باقياً فالأحكام بحالها والتحريم ثابت . وإن انقطع دمها واغتسلت حل جميع ذلك لها لارتفاع حيضها ، وعودها إلى حال الطهر . فأما بعد انقطاع دمها وقبل الغسل فتقسم هذه التسعة ثلاثة أقسام :

قسم يجوز لها فعله قبل الغسل : وهو الصوم وحده ؛ لأن الصوم لا يفتقر إلى طهارة فجاز لها الدخول فيه قبلها .

والقسم الثاني : ما لا يجوز لها فعله قبل الغسل وهو الصلاة ، والطواف ، ومس المصحف ، وقراءة القرآن ، وفي دخول المسجد وجهان ؛ إلا أن فرض الصلاة قد وجب عليها بانقطاع الدم وإن لم تغتسل ولا يجوز أن تصلي إلا بعد الغسل . فإذا اغتسلت قضت ما تركت من الصلاة بعد انقطاع دمها وقبل الغسل لقوله ( ص ) : ‘ فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي ‘ .

( فصل )

: والقسم الثالث : ما اختلف الفقهاء فيه وهو الوطء .

فذهب الشافعي ومالك وجمهور الفقهاء إلى بقائه على التحريم حتى تغتسل .

وقال أبو حنيفة : إن انقطع انقطع دمها لأكثر الحيض وهو عنده عشرة أيام جاز وطؤها قبل الغسل ، وإن انقطع لأقل من العشرة لم يجز وطؤها إلا أن تغتسل أو يمر عليها وقت صلاة استدلالاً بقوله سبحانه وتعالى : ( ولاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) ( البقرة : 222 ) فجعل انقطاع الدم غاية . والحكم بعد الغاية مخالف لما قبلها قال : ولأنها أمنت معاودة الدم فجاز وطؤها كالمغتسلة . قال : ولأنها استباحت فعل الصوم فجاز وطؤها كالمتيمم . قال : ولأن حكم وجب بعلة زال بزوالها ، وعلة التحريم : حدوث الدم . فوجب أن يزول بانقطاع الدم قال : ولأنه لم يبق بعد انقطاع الدم إلا وجوب الغسل وبقاء الغسل لا يمنع من استباحة وطئها كالجنب .

ودليلنا قوله سبحانه وتعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ( البقرة : 222 ) والاستدلال بها من وجهين :

أحدهما : أن في الآية قراءتين إحداهما : بالتخفيف وضم الهاء . ومعناها : انقطاع الدم . والأخرى بالتشديد وفتح الهاء معناها الغسل . واختلاف القراءتين كالآيتين فيستعملان معاً . ويكون تقدير ذلك : فلا تقربوهن حتى ينقطع دمهن ويغتسلن .