پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص377

غسل الميت وإن صح هذا الحديث وثبت فإن من أصحاب الحديث من أخرج لصحته مائة وعشرين طريقاً فقد اختلف أصحابنا في وجوبه على وجهين :

أحدهما : يكون واجباً ؛ لثبوت الأمر به وهو قول أبي إسحاق .

والثاني : يكون مع ثبوت الأمر به استحباباً لاحتماله وهو قول أبي العباس .

( فصل )

: فإذا ثبت أنه مأمور به استحباباً وإما واجباً ، فقد اختلف أصحابنا فيه هل هو معقول المعنى أم لا ؟ فقال بعضهم : ليس هو بمعقول المعنى ، وإنما فعل استسلاماً للشرع ، وقال آخرون : بل هو معقول المعنى ، فمن قال بهذا اختلفوا في معناه على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي الطيب بن سلمة ، وأبي العباس أن المعنى فيه نجاسة الميت ، والغسل من الأنجاس مندوب إليه إن كان يابساً وواجب إن كان رطباً .

والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس وابن أبي هريرة أن المعنى فيه حرمة الميت كما تلزم الطهارة لملامسة النساء الأحياء لحرمتين ليصلى على الميت على أكمل طهارة .

( فصل )

: فإذا تقرر ما وصفنا فإن قيل بوجوبه ، فهو لا محالة مقدم على غسل الجمعة ، وإن قيل باستحبابه ففي تأكيده على غسل الجمعة قولان :

أحدهما : وهو قوله في القديم أن غسل الجمعة أوكد سنة ؛ لثبوت الخبر فيه واختلاف الناس في وجوبه .

والقول الثاني : قاله في الجديد أنه أوكد من غسل الجمعة ، لوقوف الخبر على الصحة وتردده بين الواجب والسنة .

( فصل )

: فأما المزني فإنه أنكره ومنع من ثبوت حكمه حتماً أو ندباً تعلقاً بأن من مس كلباً أو خنزيراً لم يتوضأ فكيف يتوضأ من أخيه المؤمن ، وهذا خطأ من وجهين :

أحدهما : أنه جمع ما فرقت السنة بينهما .

والثاني : أنه استدلال يرفض الأصول ، لأن من مس امرأة مؤمنة توضأ ، ومن مس ميتة أو خنزيراً لم يتوضأ ، ومن مس ذكر مؤمن توضأ ولو مس بولاً أو عذرة لم يتوضأ فكيف يمنع من تسليم أن يكون الشرع وارداً بالوضوء من مس الميتة دون الخنزير والله أعلم .