پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص374

قال الماوردي : وهذا كما قال وجملته أن للمغتسل في يوم الجمعة ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يغتسل لها بعد الزوال وقبل الصلاة فلا اختلاف بين الفقهاء أن غسله لها مجزئ .

والحال الثانية : أن يغتسل لها قبل الزوال وبعد الفجر فمذهب الشافعي وأبي حنيفة أن غسله مجزئ لها ، وقال مالك : لا يجزئه ؛ استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ من راح إلى الجمعة فليغتسل ‘ واسم الرواح إنما ينطلق على ما بعد الزوال قال : ولأن مشروعات الجمعة لا يجوز فعلها قبل وقت الجمعة ، كالأذان وكالغسل قبل طلوع الفجر .

ودليلنا رواية أبي الأشعث عن أواس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوةٍ عمل سنةٍ أجر صيامها وقيامها ‘ فجعل الغسل في البكور أفضل ، وروى أبو صالح عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من اغتسل يوم الجمعة غسل الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنةً ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرةً ‘ ولأن هيئات الجمعة يجوز فعلها في يوم الجمعة قبل وقت الجمعة كالطيب واللباس ، ولأن في المنع من الغسل لها إلا بعد دخول وقتها مشقة لاحقة وذريعة إلى الفوات ؛ لأن صلاة الجمعة تعجل في أول وقتها فلا تنفك من فوات الغسل أو الصلاة .

فأما الجواب عن قوله ‘ من راح إلى الجمعة فليغتسل ‘ فهو أن الرواح الانصراف إلى الشيء قبل الزوال وبعده ألا ترى قوله ومن راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، وقال عمر بن أبي ربيعة :

( أمن آل نعمٍ أنت غادٍ مبكر
غداة غدٍ أم رائحٌ فمهجر )

والتهجير قبل الزوال وجعله بعد الزوال ، وجعله بعد الرواح ، وأما استدلاله بالأذان ففاسد لما ذكرنا من الطيب واللباس ، على أن الآذان من مشروعات الصلاة ، ولم يجز قبل دخول وقت الصلاة ، وهذا من مسنونات اليوم فجاز قبل دخول وقت الصلاة .

والحال الثالثة : أن يغتسل لها قبل الفجر فلا يجزئه ، وقال الأوزاعي يجزئه ؛ لأن ليلة الجمعة تبع ليومها ، وقياساً على غسل العيد لما جاز قبل الفجر جاز بعد الفجر .

ودليلنا قوله ( ص ) : ‘ غسل يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلمٍ ‘ فإضافة إلى اليوم فلم يجز تقديمه عليه ، ولأنه إيقاع الغسل قبل يوم الجمعة يمنعه لإجزائه للجمعة كالغسل في يوم الخميس ، فأما قوله إن ليلة الجمعة تبع ليومه فغير مسلم لاختلاف أحكامها ، وأما قياسه على غسل يوم العيد فقد اختلف أصحابنا في جوازه قبل الفجر على وجهين :