الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص363
يمسح عليه إذا ظهر من الخرق شيء من القدم ، وإن قل ، واستدل من أجاز المسح عليه مع خرقه بحديث أبي بكرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما ‘ ، فكان على عمومه فيما أطلق اسم الخف عليه ، قالوا : ولأنه خرق لا يبيح لبسه في الإحرام ، فلم يمنع من جواز المسح عليه في الوضوء ، قياساً على خروق الخرز ، ولأن إباحة المسح على الخفين ، رفق وترفيه ، لأن الحاجة داعية إلى لبسه والمشقة لاحقة في نزعه ، فلو كانت خروق الخف تمنع من لبسه وتدعو إلى نزعه وهو الغالب من أنواع الخفاف لزال معنى الرفق ، بالتغليظ والترفيه بالمشقة .
ودليلنا عموم قوله عز وجل : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) إلى قوله : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنَ ) ( المائدة : 6 ) فكان عمومها يوجب غسل الرجلين إلا ما قام دليله من المسح على خفين صحيحين ، ولأن ظهور الأصابع يمنع من جواز المسح كما لو نزع أحد الخفين ، ولأن كل حكم تعلق بجميع القدم تعلق ببعض القدم قياساً على غسلهما عند ظهورهما ، ولأن ما يبطل حكم المسح يستوي حكم وجوده في بعض القدمين وفي جميع القدمين أصله : انقضاء مدة المسح عند غسل بعض الأعضاء ، ولأن جواز المسح يتعلق بالطهارة وباستتار الرجلين في الخفين ، فلما كان ترك بعض أعضاء الطهارة مانعاً من جواز المسح كان ترك بعض المستر مانعاً من جواز المسح وتحريره قياساً أنه أحد شرطي المسح فوجب أن يكون ترك بعضه كترك جميعه في المنع من المسح كالطهارة ، ولأنه لما كان ظهور أحد الرجلين مانعاً من جواز المسح على الأخرى تغليباً لحكم الغسل كان طهور بعض الرجل بالمنع من مسح الباقي منهما أولى ، فأما استدلالهم بالخبر فمخصوص .
وأما قياسهم على خروق الخرز فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن خروق الخرز لا يرى منها خف ، وليس كذلك ما سواه .
والثاني : أنه خرق الخرز يسند بما يدخلها مثل الخيوط فلا يظهر منها شيء من القدم وليس كذلك ما سواه .
وأما استدلالهم بالحاجة إلى لبسها والمشقة في نزعها فالجواب عنه أن الخف إذا تخرق امتنع في الغالب من لباسه ، وإنما يلبس من الخفاف غالباً ما كان صحيحاً منها .