پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص352

يقول : رأيت رسول الله ( ص ) أتى سباطة قومٍ فبال قائماً ، فذهبت أتنحى عنه ، فجذبني حتى كنت عند عقبه فلما فرغ توضأ ومسح على خفيه .

وروى الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن أبي زياد عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله ( ص ) ذهب لحاجته في غزوة تبوك قال المغيرة فذهبت معه بماءٍ فجاء النبي ( ص ) فسكبت عليه فغسل وجهه ثم ذهب يخرج يديه فلم يستطع من ضيقٍ كم جبته فأخرجهما من تحت جبته فغسل يديه ومسح رأسه ومسح على الخفين فجاء رسول الله ( ص ) وعبد الرحمن بن عوفٍ قد صلى بهم ركعةٍ ، فصلى رسول الله ( ص ) معهم الركعة التي بقيت ، فلما سلم قام فأتم صلاته ففرغ الناس فلما فرغ رسول الله ( ص ) ، قال قد أحسنتم .

فدلت هذه الأخبار على جواز المسح على الخفين وأنه بعد نزول المائدة ؛ لأن غزوة تبوك بعد نزول المائدة وكذلك إسلام جرير ، وقد قال الحسن البصري حدثني بالمسح على الخفين سبعون بدرياً يعني : أن بعضهم شافهه وبعضهم روي له عنهم : لأن الحسن لم يلق سبعين بدرياً .

فأما الجواب عن استدلالهم بالآية فمن وجهين :

أحدهما : أنها وإن أوجبت غسل الرجلين فالسنة جاءت بالرخصة في المسح على الخفين ، فكانت الآية دالة على غسل الرجلين إذا ظهرتا ، والسنة واردة في المسح على الخفين إذا لبسا .

والثاني : أن في الآية قراءتين بالنصب والجر فيحمل النصب على غسلهما إذا كانتا ظاهرتين ، ويحمل الجر على مسحهما إن كانتا في الخفين ، فتكون الآية باختلاف قراءتيها دالة على الأمرين .

وأما الجواب عن قوله ‘ هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ‘ فهو أنه محمول على أول الإسلام قبل الرخصة في المسح على الخفين ، على أنه قال ذلك وهو ظاهر القدمين ، ومن كان ظاهر القدمين لم يجزه المسح على الخفين ، وأما الجواب عما رووه من سؤال عليّ أبا مسعود البدري فمن وجوه :

أحدها : أن الرواية الثابتة عن علي بالمسح على الخفين تمنع صحة الحديث .

والثاني : أنه سأله استخباراً عن زمان المسح لا إنكاراً له .