پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص346

يوجب تغليب حكمه في المنع ، كالأخت إذا اختلطت بأجنبية وكثرة الإباحة توجب تغليب حكمها في الإقدام كالأخت إذا اختلطت بنساء بلد ، فكذا الأواني إن كان الطاهر أكثر غلب حكم الإباحة ، وإن كان النجس أكثر غلب حكم الحظر .

ودليلنا عموم قوله تعالى : ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ) ( الحشر : 2 ) ولأن كل جنس جاز التحري فيه إذا كان عدد المباح أكثر جاز التحري فيه إذا كان عدد المباح أقل كالثياب ، ولأن كل عدد جاز فيه طلب الطاهر من الثياب ، جاز فيه طلب الطاهر من الماء كالثلاث إذا كان أحدها نجساً وكالميتة إذا اختلطت بالمذكى عكساً ، ولأن جهة الحظر إذا التبست بالجهة المطلوبة جاز التحري في ذلك ، ولم يعتبر فيه غلبة جهات الحظر كطلب القبلة ؛ لأن الجهات الأربع ، والقبلة في أحدها ؛ ولأنه طريق يتوصل به إلى معرفة الطهور فجاز المصير إليه في الأواني كاليقين .

فأما الجواب عن قوله : ‘ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ‘ فهو أن ما أدى الاجتهاد إلى طهارته قد زالت الريبة عنه ، والتراب مع وجود الماء قد انتقلت الريبة إليه ، فلم يجز استعماله ، وأما الجواب عن قياسهم على إناءين أحدهما ماء والآخر بول ، فهو ما ذكرنا مع المزني من الفرقين الماضيين ، والمعنى في الماء والبول أنه لما لم يجز التحري فيه مع غلبة المباح لم يجز مع غلبة المحظور ، ولما جاز التحري في الطاهر والنجس إذا غلب المباح جاز ، وأما استشهادهم بأن الحظر إذا غلب كان حكمه أغلب اعتباراً بالأصل المذكور ، فخطأ ؛ لأن التحري لا يدخل في الأصل الذي ذكره ، وإن كانت الإباحة أغلب ألا ترى لو اختلطت أخته بعشر نسوة حرمن عليه ولم يجز أن يتحرى فيهن ، ولو اختلطت بنساء بلد حل له من شاء منهن ، ولم يلزمه أن يجتهد فيهن ، ثم يقال : إنما يتغلب حكم الحظر بغلبة أماراته ، وكذا يتغلب حكم الإباحة بغلبة أماراتها ، وليس للعدد تأثير في تغليب أحد الحكمين .

( فصل )

: فإذا ثبت جواز اجتهاده في قليل الأواني وكثيرها سواء كان الطاهر أقل أو أكثر ، فمتى لم يجد من الطاهر إلا ما اشتبه بالنجس وجب عليه الاجتهاد ، وإن وجد ماء طاهراً بيقين ومعه إناآن قد يشتبه عليه الطاهر منهما من النجس ، لم يجب عليه أن يجتهد في واحد منهما ؛ لأنه سبيل إلى العدول عنهما باستعمال ما يتيقن طهارته ، لكن اختلف أصحابنا هل يجوز له الاجتهاد فيهما أم لا ؟ على وجهين حكاهما أبو إسحاق المروزي في شرحه :

أحدهما : لا يجوز له أن يجتهد ؛ لأن الاجتهاد إنما يجوز عند الضرورة إليه كما لا يجوز الاجتهاد في القبلة مع القدرة على عينها ولا في أحكام الشرع مع وجود النص فيها ، قال صاحب هذا الوجه : ودليل ذلك من نص الشافعي قوله : ‘ ولو كان في السفر وكان معه