الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص345
من ارتفاع حدثه واستعمال ما أدى إلى رفع حدثه واجب عليه ، والدليل على فساد ما ذهب إليه المزني أن من قدر على ماء طاهر ووجد سبيلاً إلى استعماله لم يجز أن يتيمم ، ولزمه التوصل إلى استعماله ، وهذا واجد لماء طاهر ، وقادر على التوصل إلى استعماله بالاجتهاد ، فصار الاجتهاد واجباً عليه كما يجب عليه ؛ لأجل التوصل إلى الماء بارتياد دلو وحبل وإصلاح مسيل وتنقية بئر ، ولأن كل عبادة تؤدي باليقين تارة ، وبالظاهر أخرى جاز التحري فيها عند الاشتباه كالقبلة ، فأما استشهاده باشتباه الماء بالبول فالفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن اشتباه الماء بالبول نادر فسقط الاجتهاد فيه كاشتباه القبلة في الحضر ، واشتباه الطاهر بالنجس عام فجاز الاجتهاد فيه كاشتباه القبلة في السفر .
والثاني : أن البول لم يكن له مدخل في الإباحة بحال فسقط الاجتهاد فيه إذا اشتبه بالمباح كالمذكاة إذا اختلطت بالميتة ، والأخت إذا اختلطت بالأجنبية ، والنجس قد كان له مدخل في الإباحة ، فجاز الاجتهاد فيه إذا اشتبه بالمباح كاشتباه الثوبين والقبلتين .
والدليل على فساد ما ذهب إليه الماجشون وابن مسلمة أن اجتناب النجاسة في الصلاة شرط في صحتها كرفع الحدث وفي استعمالها حمل نجاسة بيقين كما أن فيها رفع حدث بيقين ، فلأن كان اليقين في رفع الحدث موجباً لصحة الصلاة كان اليقين في حمل النجاسة موجباً لبطلان الصلاة ، وفي هذا دليل وانفصال .