الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص342
العليا نجسة لمرورها بالنجاسة ، وفي نجاسته الطبقة السفلى وجهان على ما مضى والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح لما ذكره الشافعي حكم الماء الكثير ذكر بعده حكم الماء القليل ، فإذا كان الماء دون القلتين فوقعت فيه نجاسة فقد نجس ، سواء تغير الماء أم لا ، وسواء كانت النجاسة مائعة أم لا ، وإنما يختلف حكم ذلك فيما سنذكره سوى الحكم بنجاسته ، وهو أنه إن تغير فطهارته باجتماع وصفين بالمكاثرة ، وزوال التغير وإن لم يتغير فطهارته بالمكاثرة وحدها ، فلو كانت قلة نجسة ، وقلة أخرى طاهرة فصبت إحدى القلتين في الأخرى صارا معاً طاهرين ما لم يكن فيه تغيير سواء صبت الطاهرة على النجسة أو النجسة على الطاهرة ؛ لأن طريقة المكاثرة إزالة النجاسة ، فاستوى الحكم في ورود الطاهر على النجس وورود النجس على الطاهر ، فإن فرقا بعد ذلك ، نظر في حال النجاسة فإن كانت مائعة صارت مستهلكة ، وكان الماآن طاهرين ، وإن كانت النجاسة قائمة ، فإن أخرجت منه قبل تفريقه فهما طاهران وإن فرقا قبل إخراجها منه ، نظر ، فإن كان قد فرقه بالاغتراف منه دفعة كان اغترف منه بناضح احتمل به إحدى القلتين ، فالقلة التي حملت النجاسة فيها نجسة ، والقلة الأخرى طاهرة على مذهب أبي العباس وجمهور أصحابنا ، وعلى مذهب أبي إسحاق نجس ، وإن فرق بأن أمال الإناء الذي فيه القلتان حتى انصب منه في إناء آخر قلة ، وبقي في الأول قلة ، نظر ، فإن خرجت النجاسة حين أمال الإناء في أول جزء من أجزاء الماء كان الإناء الثاني الذي حصلت فيه النجاسة نجساً وكان ما بقي في الأول طاهراً وإن خرجت النجاسة إلى الإناء الثاني بعد أن تقدمه ما أصار به الثاني في الأول أقل من قلتين كانا جميعاً نجسين ، وهكذا لو بقيت النجاسة في القلة الباقية في الإناء الأول كانا جميعاً نجسين ، وإذا تأملت تعجيل ذلك وجدته مستمراً فلو كان معه قلة ماء نجسة ، وقلة أخرى نجسة ، فأراق إحديهما في الأخرى ، وليس فهما تغيير فهما طاهرتان .