پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص340

فإن بلغ قلتين فهو طاهر مطهر ، والبئر طاهرة ، وإن كان دون القلتين فقد طهرت البئر ، وهو ماء مستعمل في إزالة نجاسته ، فيكون على مذهب الشافعي طاهر غير مطهر ، وعلى مذهب الأنماطي نجساً . وإن كان الماء النابع متغيراً فلا يخلو تغييره من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يعلم أنه من النجاسة فيكون الماء نجساً .

والثاني : أن يعلم أنه من غير النجاسة إما لحمأة أو لفساد التربة فلا حكم لتغييره ولا يؤثر هذا التغيير في تنجيسه ، ويكون كحكمه لو كان غير متغير على ما مضى .

والثالث : أن يشك في سبب تغييره هل هو لأجل النجاسة أو لفساد التربة ؟ فيغلب عليه حكم التغيير بالنجاسة فيكون نجساً ؛ لأنه الظاهر من حال تغييره .

وقال الشافعي : لو أن غديراً بال فيه ظبي فوجده ماؤه متغيراً فلم يعلم هل تغير لبول الظبي ، أو لطول المكث كان الماء نجساً ؛ لأن ظاهر تغييره أنه لوقوع النجاسة فيه ، فغلب حكمه ، فهذا حكم الماء الراكد في بئر أو غيرها ماء إناء أو غدير .

( فصل : إذا وقعت في الماء الجاري نجاسة )

فأما الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة ، فلا يخلو حالها من أحد أمرين :

إما أن تكون مائعة أو متجسدة ، فإن كانت مائعة فلا يخلو أن يتغير بها شيء من الماء الجاري أم لا ؟ فإن تغير بها شيء منه كانت الجرية التي تغيرت بها نجسة ، وكان ما فوقها من الماء الأعلى وما تحتها من الماء الأسفل طاهرين ، وإن لم يتغير بها فالجرية التي وقعت فيها النجاسة نجسة ، وما تحتها وفوقها طاهر ، فإن كان الماء الجاري ينتهي إلى فضاء يقف فيه فماء الفضاء ما لم تنته إليه الجرية ، التي وقعت فيها النجاسة طاهر فإذا انتهت الجرية النجسة إليه صار حكمه كحكم الماء الراكد إذا قلته نجاسة في اعتبار القلة والكثرة ، فإن كان قلتين كان طاهراً ، فلو توضأ رجل من تلك الجرية قبل اتصالها بماء الفضاء كان وضوءه باطلاً لنجاسة الماء الذي توضأ به ، ولو توضأ من تلك الجرية بعد اتصالها بماء الفضاء جاز وإن لم تغب فيه ، وتخلط به ؛ لأن الاعتبار في طهارته بالاتصال لا بالاختلاط ؛ ألا ترى لو أن قلتين ماء غير رطل وقعت فيه نجاسة فهو نجس ، ولو صب عليه رطل من ماء صار طاهراً وجاز استعماله ، وإن استحال أن يغيب الماء كله في الرطل الذي صب عليه ، وإن كانت النجاسة متجسدة كميتة وقعت فيه فلا يخلو حالها من أحد أمرين : إما أن تكون جارية معه أو واقفة فيه فإن كانت جارية معه فحكمها على ما مضى من نجاسة الجرية التي هي فيها ، وطهارة ما قبلها وما بعدها ، فإذا انتهت النجاسة إلى ماء الفضاء صارت نجسة في ماء راكد ، فيكون