پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص336

فذكر الماء وهو لا يخالف النبي ( ص ) وقد يكون الدم ظهر فيها فنزحها إن كان فعل أو تنظيفاً لا واجباً . وإذا كان الماء خمس قربٍ كبارٌ من قرب الحجاز ، فوقع فيه دمٌ أو أي نجاسةٍ كانت ، فلم يغير طعمه ولا لونه ولا ريحه ولم ينجس ، وهو بحاله طاهرٌ ، لأن في خمس قربٍ فصاعداً وهذا فرق ما بين الكثير الذي لا ينجسه إلا ما غيره ، ومن القليل الذي ينجسه ما لم يغيره ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا ثبت أن القلتين فرق بين قليل الماء وكثيره ، وأن القلتين خمس قرب بما وصفنا ، وأن الخمس قرب خمسمائة رطل بما بينا صار كثير الماء خمسمائة رطل ] وقليله ما دونها ثم إن الشافعي ذكر في هذه المسألة حكم كثير الماء وما يتفرع عليه من أحكام النجاسة ، وذكر بعده حكم قليل الماء وما يتفرع عليه من أحكام النجاسة ، فإذا كان الماء كثيراً ووقعت فيه نجاسة مائعة أو متجسدة فلا يخلو أن يتغير بها الماء أو لا يتغير فإن لم يتغير بها الماء فهو طاهر مطهر ، ثم لا تخلو النجاسة من أن تكون مائعة أو متجسدة فإن كانت مائعة كبول أو خمر أهريق فيه فاستعمال جميع الماء شيئاً بعد شيء حتى يستنفد جميعه جائز ولا يلزم استبقاء شيء منه ، وقال بعض أصحابنا : لا يجوز أن يستعمل جميعه حتى يستبقي منه قدر النجاسة الواقعة فيه لعلمنا أنه باستعمال جميعه مستعمل النجاسة ، وهذا خطأ ؛ لأن النجاسة لما لم يظهر لها أثر صارت مستهلكة ، فعفى عنها ، ولأنه إذا استبقى من جملة الماء قدر النجاسة فنحن نحيط علماً بأن ما استبقاه ليس بنجاسة محضة تميزت عن المستعمل ، وانحازت إلى المستبقى ، وإنما الباقي ماء فيه جزء من النجاسة ، فكذلك المستعمل فلم يكن لهذا القول وجه .

( فصل : إذا كان في الماء عين نجسة )

وإن كانت النجاسة متجسدة كالأعيان النجسة من ميتة أو عظم خنزير فالأولى أن لا يأخذ في استعمال الماء إلا بعد إخراج الميتة منه ، وإزالة العين النجسة عنه ، فإن فعل جاز أن يستعمل الماء كله باتفاق جميع أصحابنا شيئاً بعد شيء ، حتى يستنفد جميعه ، ولا يلزمه استيفاء شيء منه ، فإن لم تزل النجاسة وكانت على حالها في الماء لم يجز أن يستعمل جميع الماء ؛ لأنه إذا انتهى إلى حد نقص من القلتين صار نجساً وإنما يجوز أن يستعمل منه ما كان زائداً على القلتين ، ثم اختلف أصحابنا في صفة استعماله من هذا الماء على وجهين :