پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص333

فإن قيل : فما معنى قوله : ‘ لا ينجس ‘ ، قيل : يعني أن أعيانها لا تنقلب فتصير نجسة .

فإن قيل : فلم خص هذه الأربعة بهذا الحكم ، قيل : إنما خصها بالذكر لاختصاصها بالصلاة وإن كان غيرها في حكمها ؛ لأن صحة الصلاة معتبرة بطهارة الماء والثوب والأرض والبدن .

وأما الجواب عن قياسهم على سائر المائعات فمن وجهين :

أحدهما : أن المائعات لا تبلغ حداً لا يمكن حفظه بالأوعية ، ولا يتعذر صونه عن النجاسة ، فنجس بحلول النجاسة فيه ؛ لإمكان صونها منه ، وليس كذلك الماء .

والثاني : أن الحاجة تدعو إلى استعمال الماء في ما دون القلتين فالمعتبر فيه إمكان حفظه من حلول النجاسة فيه ، وليس كذلك ما زاد عليه .

وأما الجواب عن قياسهم على الطهارة والتنظيف ما لا يدعو إلى استعمال المائعات فيخفف حكم الماء ؛ لكثرة استعماله وتغلظ حكم غيره لقلة استعماله . وأما الجواب عن استدلالهم بتغليب الحظر على الإباحة فهو أنه منتقض بما لم يلتق طرفاه من الماء وبالثوب إذا كان عليه يسير من دم البراغيث ثم المعنى فيما استشهدوا به من الأصول أن الشرع لم يأت بالعفو عن يسيره وقد جاء بالعفو عن يسير النجاسة والله أعلم .

( مسألة : مقدار القلتين )

وروى الشافعي رضي الله عنه عن ابن جريجٍ عن النبي ( ص ) بإسناد لا يحضر الشافعي ذكره أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجساً وقال في الحديث أو قربتين بقلال هجرٍ ‘ وقال ابن جريج : وقد رأيت قلال هجرٍ ، فالقلة تسع قربتين وشيئاً ، قال الشافعي : والاحتياط أن تكون القلتان خمس قربٍ ، قال وقرب الحجاز كبار ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال قد مضى الكلام في أن القلتين حد لما ينجس من الماء ، ولا ينجس ، فلم يكن بد من تحديد القلتين ، ومعرفة قدرهما ليصير الحد بها معلوماً ، وإذا كان كذلك فالقلتان : هما من قلال هجر لثلاثة أشياء :

أحدها : أن الشافعي روى عن ابن جريج بإسناد لم يحضر الشافعي ذكره أن النبي ( ص ) قال : ‘ بقلال هجر ‘ فإن قيل فهذا مرسل ، والمراسيل عنده ليست بحجة ، قيل : هو مسند عن الشافعي وإن نسي إسناده ومرسل عند غيره ، فيلزم الشافعي العمل به لإسناده ، وإن لم يلزم به لإرساله .

والثاني : أن قلال هجر هي أكبر قلال بالمدينة ، وما جعل معدود المقادير حداً لم