الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص330
والسؤال السابع : إن قالوا : تسليم الحديث على لفظه في القلتين يمنع من الاستدلال به ، والتعلق بظاهر لفظه لقوله لم يحمل خبثاً يعني أنه يضعف عن احتمال الخبث ، كما يقال هذا الخل لا يحمل الماء لضعفه عنه ، وهذا الطعام ، لا يحمل الغش يعني أنه يضعف عنه ، ويفسد به ، وهذا الرجل لا يحمل هذا المتاع إذا عجز عنه ، وعنه ثلاثة أوجه من الجواب :
أحدها : إن هذا التأويل يمنع أن يكون لتحديد القلتين فائدة ، وهذا فاسد .
والثاني : أنه قد روي في أكثر الأخبار لم ينجس ، وهذا صريح لا تأويل عليه .
والثالث : أن معنى قوله لم يحمل خبثاً أي لم يقبل خبثاً كقوله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أسْفَاراً ) ( الجمعة : 5 ) أي لم يقبلوها ولم يلتزموا حكمها ، فسلم الحديث من الاعتراض بهذه الأسئلة وصح الاحتجاج به على كل مخالف .
ومن الدليل على مالك خاصة بحديث أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً ‘ فمنع من غمسها خوفاً من تنجيس الماء بها فدل على تنجيس الماء القليل ، وإن لم يتغير ، ولأن أصول الشرع موضوعة على الفرق بين القليل والكثير في مخالطة الحظر له ، فإن اختلط بالقليل كان حكم الحظر أغلب ، وإن اختلط بالكثير كان حكم الإباحة أغلب ، ألا ترى لو اختلطت أخت رجل بعدد من النساء حرمن كلهن عليه تغليباً لحكم الحظر ، ولو اختلطت بنساء بلد حللن له تغليباً لحكم الإباحة ، كذلك النجاسة ، وإن اختلطت بماء قليل وجب تغليظ الحظر في النجاسة وإن اختلطت بماء كثير وجب تغليب الإباحة في الطهارة ، وهذا أصح استدلال بعد النص ، وهو دليل على أبي حنيفة أيضاً ، ثم من القياس أنه ماء قليل خالطه نجاسة ، فوجب أن يكون نجساً قياساً على المتغير .
ومن الدليل على أبي حنيفة ما رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن سليط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) قيل له إنك