الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص326
وعبد الله بن عباس وأبو هريرة ومن التابعين سعيد بن جبير ومجاهد ومن الفقهاء ابن جريح ومحمد بن إسحاق وأبو عبيد القاسم بن سلام وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور .
والمذهب الثاني : أنه محدود بأربعين قلة ، والقلة منها كالجرة ، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص ومحمد بن المنكدر .
والمذهب الثالث : أنه محدود بكر ، والكر عندهم أربعون قفيزاً ، والقفيز عندهم اثنان وثلاثون رطلاً ، وكان مقدار ذلك ألف رطل ، ومائتي رطل ، وثمانين رطلاً وهو قول محمد بن سيرين ومسروق بن الأجدع ووكيع بن الجراح فهذه المذاهب المشهورة فيما ينجس من الماء ولا ينجس .
واستدل مالك ومن تابعه على أن نجاسة الماء معتبرة بالتغيير بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه إلا ما غيّر لونه أو طعمه أو رائحته ‘ قالوا : ولأن ما لم تغيره النجاسة ، فوجب أن يكون طاهراً كالقلتين ، قالوا : ولأن حصول النجاسة في الماء قد تكون تارة بورودها على الماء ، وتارة بورد الماء عليها ، فلما كان الماء إذا ورد على النجاسة لم ينجس إلا بالتغيير وجب إذا وردت النجاسة على الماء لا ينجس إلا بالتغيير .
واستدل أبو حنيفة على أن نجاسة الماء معتبرة بالاختلاط برواية أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ثم يغتسل فيه ‘ فمنع من ذلك لأجل التنجيس بالاختلاط من غير اعتبار قذر فيه ، وبما روي عن ابن عباس أنه نزح بئر زمزم من زنجيٍّ مات فيها ، ومعلوم أن ماءها كثير ، ولم ينقل التغيير ، ولم ينكر ذلك أحد من علماء العصر مع ضنهم بماء زمزم أن يراق بغير حق ، وأن يستعمل إلا في قربة ، فصار إجماع العصر ، قال : ولأن ما خالطته نجاسة فوجب أن يكون نجساً قياساً على ما دون القلتين ، قال : ولأنه مائع تنجس قليله بمخالطة النجاسة قياساً على سائر المائعات ، قال : ولأن العين الواحدة إذا اجتمع فيها حظر وإباحة فغلب حكم الحظر على الإباحة على المتولد من بين