الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص322
والقول الثاني : قاله في الجديد ، وبه قال محمد بن المنكدر ويحيى بن أبي كثير أنه قد ينجس بذلك ؛ لأنها نجاسة حلت ماء قليلاً قياساً على سائر الأنجاس ، ولأن الاحتراز منه ممكن بتخمير الإناء ولذلك جاء الخبر بما رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : ‘ أمرنا رسول الله ( ص ) بتغطية الوضوء وإيكاء السقاء وإكفاء الإناء ‘ فكان أمره بذلك حفظاً للماء من وقوع ما ينجس به ، وغالب ما يقع فيها هو الذباب والحشرات فدل على أنه موجب لتنجيس ما مات فيه ، والأول من القولين أصح ، فإذا قيل بتنجيس ما مات فيه فسواء غير الماء أو يفضل فيه أم لا ؟ قد نجس بموته في الحال ، وإذا قيل بطهارة ما مات فيه فهو على الطهارة ما لم يتغير به ويفضل فيه ، فإن تغير به الماء ويفضل فيه لطول المكث ففي نجاسته حينئذ لأصحابنا وجهان :
أحدهما : أنه على طهارته ؛ لأن ما قل من الماء إذا لم ينجس بملاقاة العين لم ينجس بالتغيير والتقطيع وطول المكث ، كالأشياء الطاهرة .
والوجه الثاني : أنه حينئذ يصير نجساً ؛ لأن الاحتراز منه وقت حلوله متعذر والاحتراز من طول مكثه ممكن وقد روي أن النبي ( ص ) قال : في ذلك ما لم يفضل يعني ينقطع ، فأما الحيات والوزغ فقد اختلف أصحابنا هل هي ذات نفس سائلة أم لا ؟ فقال أبو القاسم الدراكي ، وأبو حامد الإسفرايني : هي ذات نفس سائلة ، فعلى هذا ينجس ما ماتا فيه ، وقال أبو الفياض وأبو القاسم الصميري ليست ذات نفس سائلة ، فعلى هذا في تنجيس ما ماتا فيه قولان .
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن وقعت فيه جرادةٌ ميتةٌ أو حوتٌ لم تنجسه ؛ لأنهما مأكولان ميتين ‘ .
قال الماوردي : وأصل هذا ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أحلت لنا ميتتان ودمان ‘ . فذكر في الميتين الحوت والجراد ، وفي الدمين الكبد والطحال ، فأما الجراد فمن صيد البر ، فهو مأكول ، وموته ذكاته ، فإذا مات في الماء أو وقع فيه ميتاً فالماء طهار ؛ لأنه بعد موته محلل أكله كاللحم الذكي لا ينجس الماء بوقوعه فيه وأما الجواب عن صيد البحر وصيد البحر ينقسم ثلاثة أقسام : قسم متفق على أكله ، وهو الحوت ، فأما إذا مات في الماء فهو
طاهر وأكله حلال ، سواء كان موته بسبب ، أو غير سبب وقال أبو حنيفة : إن كان موته بسبب