الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص316
والمراد بلحم الخنزير هو : جملة الخنزير ؛ لأن لحمه قد دخل في عموم الميتة ، فكان حمله على ما ذكرنا من الفائدة أولى على التكرار .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن الله حرم الكلب وحرم ثمنه وحرم الخنزير وحرم ثمنه وحرم الخمر وحرم ثمنها ‘ .
ولأن الخنزير أسوأ حالاً من الكلب لتحريم الانتفاع به في الأحوال وجواز الانتفاع بالكلب في حال ، ثم ثبت بما دللنا نجاسة الكلب فكانت نجاسة الخنزير أولى .
فإذا ثبت أن الخنزير نجس فولوغه كولوغ الكلب في وجوب غسله سبعاً إحداهن بتراب ، وروى أبو ثور عن الشافعي في القديم أنه قال يغسل الإناء من ولوغ الخنزير فوهم أبو العباس بن القاص في إطلاق الشافعي ذكر العدد في القديم ، فخرج له في القديم قولاً ثانياً أن ولوغ الخنزير يغسل مرة واحدة ، وهذا خطأ منه ؛ لأنه في القديم نص على وجوب غسل الإناء من ولوغه وأطلق ذكر العدد على ما قد عرف من مذهبه ، وصرح به في سائر كتبه فيغسل سبع مرات إحداهن بتراب كولوغ الكلب سواء فأما احتجاج الشافعي بأن الخنزير أسوأ حالاً من الكلب فلأمرين :
أحدهما : أن نجاسته بالنص ونجاسة الكلب بالاستدلال .
والثاني : أن تحريم الانتفاع بالخنزير عام وبالكلب خاص ، وأما قوله : ‘ فقاسه عليه ‘ فيقضي في وجوب غسل الإناء منه سبعاً لا في نجاسته ، ثم هكذا في الحكم في كل حيوان نجس في حياته من المتولد بين كلب وخنزير أو بين أحدهما فلو رأى حيواناً قد ولغ في إناء ثم شك في الحيوان هل هو كلب أو غيره فالماء على أصل طهارته حتى يتيقن أن الوالغ فيه كلب فلو كان له إناآن فأخبره من يسكن إلى خبره أن كلباً ولغ في الأكبر منه دون الأصغر ، وأخبره آخر ثقة أن كلباً ولغ في الأصغر دون الأكبر ، قال الشافعي : كان والغاً فيهما جميعاً ؛ لأنه قد يرى كل واحد منهما ما غفل عنه الآخر ، فلو أخبره من يثق بخبره أن هذا الكلب بعينه ولغ في إنائه هذا في وقت كذا من يوم كذا وشهد عنده عدلان أن ذاك الكلب بعينه كان في ذلك الزمان بعينه في بلد آخر ، فقد اختلف أصحابنا في حكم الإناء على وجهين :