الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص315
مختص بوقوعه ، فإن أدخل غيره من أعضائه في الماء لم يجب غسله لقوله ( ص ) : ‘ إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فأريقوه واغسلوه سبعاً ‘ فعلق الحكم بالولوغ ، وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه لما نص على الولوغ وهو أصون أعضاء الكلب كان وجوب الغسل بما ليس بمصون منها أولى .
والثاني : أن ولوغه يكثر وإدخال غير ذلك من أعضائه يقل فلما علق وجوب الغسل بما يكثر كان وجوبه مما يقل أولى ، لأن النجاسة إذا عم وجودها خف حكمها ، وإذا قل وجودها ، يتغلظ حكمها ، فإذا تقرر أن لا فرق بين الولوغ وغيره ، من أعضاء الكلب ، فهكذا لو ماس الكلب ثوباً رطباً أو ماس ببدنه الرطب ثوباً يابساً أو وطئ برطوبة رجله على أرض أو بساط كان كالولوغ في وجوب غسله سبعاً فيهن مرة بالتراب .
فلو أدخل الكلب رأسه في الإناء ولم يعلم هل ولغ فيه أم لا ؟ فلا يخلو حال فمه عند إخراج رأسه من أن يكون رطباً أو يابساً ، فإن كان فمه يابساً فالماء على طهارته ، وإن كان رطباً ففي نجاسته وجهان :
أحدهما : قد ينجس ، لأن رطوبة فمه شاهد على ولوغه فصار كنجاسة وقعت في ماء كثير ثم وجدت تغيراً ولم يعلم هل تغير بالنجاسة أو بغيرها حكم بنجاسة الماء تغليباً لتغييره بها .
والوجه الثاني : وهو أصح أن الماء طاهر ؛ لأن طهارته يقين ، ونجاسته شك ، والماء لا ينجس بالشك ، وليست رطوبة فمه شاهداً قاطعاً لاحتمالها أن تكون من لعابه أو من ولوغه في غيره ، وليست كالنجاسة الواقعة في الماء ؛ لأنه لوقوع النجاسة تأثيراً في الماء .
قال الماوردي : وهذا كما قال والخنزير نجس ، وقال مالك ، وداود : هو ظاهر خلافهما في الكلب تعلقاً بالظواهر الماضية ، وهذا خطأ ، والدليل على نجاسته قوله تعالى : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) ( الأنعام : 145 ) .