پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص299

( فصل : ما استدل به من ذهب إلى نجاسة المستعمل )

وأما من ذهب إلى نجاسته فاستدل برواية أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ثم يتوضأ منه ولا يغتسل منه من جنابته ‘ فجمع بين البول في الماء والاغتسال فيه ، ثم كان البول سبباً لتنجسه فكذا الاغتسال به ، قالوا : ولأن للماء صفتين الطهارة والتطهير ، فلما زال بالاستعمال له في التطهير ، وجب أن يزول به الطهارة ، وتحريره أنه أحد صفتي الماء فوجب أن يزول عنه بالاستعمال كالتطهير ، قالوا : ولأنه ماء مستعمل في فرض طهارة فوجب أن يكون نجساً كالمزال به النجاسة .

والدليل على طهارته رواية شعبة عن الحكم عن أبي جحيفة قال : خرج رسول الله ( ص ) بالهاجرة فدعا بماءٍ فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به فصلى الظهر ركعتين ، والعصر ركعتين ‘ ولو كان نجساً لنهاهم عنه .

وروى محمد بن المنكدر قال سمعت جابراً يقول : اشتكيت فأتاني رسول الله ( ص ) يعودني هو وأبو بكر وهما ماشيان وجاءا وقد أُغمي عليّ فتوضأ رسول الله ( ص ) ثم صب عليّ من وضوئه فأفقت فقلت : يا رسول الله كيف أوصي في مالي كيف أصنع في مالي فلم يجبني رسول الله ( ص ) حتى نزلت آية المواريث ‘ .

فلو كان المستعمل في الطهارة نجساً لما نجس به جابراً ، وما اعتمد عليه الشافعي رضي الله عنه ، وهو أن النبي ( ص ) توضأ وأصحابه ولا شك إلا أنه قد أصاب ثوبه وثيابهم من بلله ولم يرو عنه ، ولا عن أحدهم أنه غسله ولو كان ذلك نجساً لغسله وأمره بغسله وروي عنه ( ص ) أنه اغتسل حين ذكر الجنابة في الصلاة ثم عاد إلى المسجد والماء يقطر من جمته ولو كان نجساً لصان المسجد عنه ولأنه طاهر لاقاه طاهر ، فوجب أن يكون طاهراً ، كما لو جرى على أعضائه تبرداً أو تنظفاً ، ولأن الطاهر لا يصير نجساً إلا أن يلاقي نجساً أو ينتقل عن صفة فيصير نجساً كالعصير الذي يصير خمراً ، والبيض الذي يصير مذرة ، والحيوان يموت