پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص292

والثاني : أن الحائض أولى به ؛ لأن حدثها أغلظ .

والثالث : أنهما سواء ؛ لاستوائهما في ذلك من وجوب الغسل . فلو أن الواجد للماء جنب ومحدث ؛ فإن كان الماء يكفي المحدث ، ولا يكفي الجنب فالمحدث أولى ؛ لأن فيه تكميل طهارته ، وإن كان يكفي الجنب ولا يفضل من الحدث ففيه وجهان :

أحدهما : أن الجنب أولى به ؛ لأن حدثه أغلظ .

والثاني : أنهما سواء ؛ لأن كل واحد منهما ممنوع من الصلاة ، وإن كان يكفي الجنب ويفضل من المحدث ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الجنب أولى لغلظ حدثه .

والثاني : أن المحدث أولى لبقاء بعض الماء بعد طهارته .

والثالث : أنهما سواء وهذا الذي وصفنا طريقه الأولى ، فلو تغلب أحد الحيين على الماء فاستعمله دون الميت ، أو غلب من ليس بأولى على من هو أولى كان مسيئاً وطهارته مجزئة .

( فصل : لو كان الماء ملكاً لأحدهم فمن أحق به ؟ )

فأما إذا كان الماء ملكاً لأحدهم ، كان مالك الماء أحقهم به ولا يجوز أن يجودوا به على غيره من حي ولا ميت ؛ لأنه لما اختص بوجوب استعماله ، فإن وهبه لغيره كان على ما مضى فيمن وهب ما ليس معه غيره ، ولو كان الماء ملكاً للميت وجب على أحد الحيين أن يغسله به ، فإن احتاج الحيان إلى شربه وخافا العطش كان لهما أن يأخذا ماء الميت فيشرباه ويؤديا ثمنه في ميراثه ؛ لأنهما لما كان لهما مغالبة الحي على مائه ، عند خوف العطش كان لهما ذلك في الميت لحراسة أنفسهما ، وعليهما ثمن ذلك وقت أخذه من الميت ، لا في غالب أحوال السلامة بخلاف ما ذكرنا من اعتبار الثمن في شراء الماء ، لأن الذي يلزمهما فيه قيمته متلف ، فاعتبرت القيمة بوقت الإتلاف فلو لم يحتاجا إلى شربه وغسلا به الميت وبقي منه بعد غسله بقية لم يكن لأحد الحيين أن يستعمله ؛ لأنه لما لم يجز مغالبة الحي على فضل مائه ؛ لأجل الطهارة لم يجز أخذ ما بقي من ماء الميت لأجل الطهارة ، فلو كان ماء الميت لا يكفيه لغسل جميع بدنه فأحد القولين يغتسل به في بعض بدنه ثم يومم لما بقي منه .

والثاني : يقتصر به على التيمم ، فعلى هذا لو أن أحد الحيين غسل به الميت كان ضامناً لقيمته ، في تركته ؛ لأنه قد استهلك من ماله ما لا حاجة به إليه والله أعلم .