پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص289

قلنا : لا يلزمه أن يشريثها ولا يجوز له أن يصوم ويتوقف حتى يجدها بثمن مثلها لما ذكرنا من الفرق بين الصلاة وبينها ، وإن بذل له الماء بثمن مثله في غالب أحوال السلامة لزمه أن يشتريه ، ولا يجوز له أن يتيمم ؛ لأن القدرة على البدل في حكم القدرة على المبدل ، ألا ترى أن القادر على ثمن الرقبة في حكم القادر على الرقبة في الكفارة ، والقادر على ثمن الزاد والراحلة في حكم القادر على الزاد والراحلة في الحج ، والقادر على صداق الحرة في حكم القادر على الحرة في تحريم نكاح الأمة ، وإن كان كذلك صار القادر على ثمن الماء في حكم القادر على الماء فلزمه شراؤه واستعماله فلم يجز أن يتيمم .

( فصل : هل يلزمه قبوله إذا وهب له ؟ )

وأما إذا وهب له الماء فإن كان قبل دخول وقت الصلاة لم يلزمه قبوله ؛ لأن فرض الطهارة لم يتعين عليه ، وإن كان بعد دخول وقت الصلاة لم يلزمه قبوله إذا كان عادماً ؛ لأنه قادر على استعمال الماء ، وليس كقبول المال في الحج والكفارة الذي لا يلزمه ؛ لأن أصل الماء مباح ، وليس يلزم في قبوله مكافأة والمال بخلافه لمشاحة الناس فيه ، ولزوم المكافأة عليه ، ولذلك استسقى رسول الله ( ص ) ولم يستطعم الطعام .

فإن قيل : واستعمله وصلى فقد أدى فرضه ، وإن لم يقبله تيمم وصلى ، فإن كان الماء الموهوب له موجوداً في يد واهبه حين وهبه تيمم وصلى فالإعادة عليه واجبة ؛ لأن الاعتبار في الماء بالقدرة على استعماله لا يملكه ألا ترى أن العبد إذا قدر على استعمال الماء لزمه ، وإن لم يملكه ، وإن كان الماء معدوماً حين تيمم وصلى ففي وجوب الإعادة وجهان .

أحدهما : وهو قول أبي سعيد الاصطخري عليه الإعادة ؛ لأنه قد كان قادراً على استعماله .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا إعادة عليه لعجزه عن الماء في حال تيممه .

( فصل : حكم إعادة من كان معه ماء فوهبه وتيمم وصلى )

فأما إذا كان معه ماء فوهبه ثم تيمم وصلى فلا يخلو أن يكون قد وهب الماء قبل دخول الوقت أو بعده فإن وهبه قبل دخول الوقت فلا إعادة عليه ، فإن فرض الطهارة لم يتعين عليه ، وإن وهبه بعد دخول الوقت ، فإن كان الماء موجوداً في يد الموهوب له فعليه الإعادة ، وإن كان معدوماً ففي الإعادة وجهان .

أحدهما : وهو قول أبي سعيد عليه الإعادة .

والقول الثاني : وهو قول أبي إسحاق لا إعادة عليه .