پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص282

لم يتحقق العجز عنه في صلاة الفريضة ، لم يتحقق العجز عنه في صلاة الجنازة ، أصله إذا كان عرياناً ، وفي بيته ثوب ، ولأن كل ما كان شرطاً لصلاة الفرائض ، كان شرطاً لصلاة الجنائز كإزالة النجاسة ، والتوجه إلى القبلة ، ولأن كل صلاة احتيج فيها إلى الطهور لم يجز افتتاحها بالتيمم مع القدرة على الماء كسائر الصلوات ، ولما ذكره الشافعي رضي الله عنه من أنه لما لم يجز أن يتيمم مع وجود الماء لفوات الجمعة التي أوكد فلأن لا يجزئه لما دونها من الجنازة بعد .

وأما الجواب عن استدلالهم بالخبر أنه تيمم لرد السلام ، فمن وجهين :

أحدهما : يجوز أن يكون تيمم لعدم الماء .

والثاني : أنه لما جاز أن يرد السلام بغير طهور جاز أن يتيمم له مع وجود الماء .

فإن قيل : فما الفائدة في تيممه قيل تعليمه التيمم ، لأن الشرع مأخوذ من أفعاله وأقواله .

والجواب عن قياسهم على المريض والمسافر ، فالمعنى فيه أنه لما جاز التيمم للفريضة جاز للجنازة ، وليس كذلك هذا وأما الجواب عن قولهم إن في الطهارة لها فواتاً لفعلها فهو أنه منتقض بالجمعة ، يفوت فعلها ولا يجوز أن يتيمم لها .

فإن قيل : فالجمعة تنتقل عند فواتها إلى الظهر ولا تنتقل في الجنازة إلى بدل .

قيل : ليس الظهر جمعة لا سيما قولهم من خرج عنه وقت الجمعة ، وهو فيها بطلت ولم يتمها ظهراً ثم نقول : إن صلاة الجنازة لا تفوت ؛ لأنه يقدر على الصلاة على القبر ، فإن منعوا من الصلاة على القبر فهو بناء خلاف على خلاف ثم ندل عليه بما روي عن النبي ( ص ) أنه صلى على قبر مسكينةٍ ، وصلى على قبرٍ بعد شهرٍ فجعله أحمد بن حنبل الشهر حداً في جواز الصلاة على القبر ؛ لأجل هذا الخبر ، وليس الشهر عندنا حداً .

فإن قيل : لو جازت الصلاة على القبر لجازت الآن على قبر رسول الله ( ص ) .

قيل : عن هذا أجوبة :

أحدها : أننا نجوزها على مثل ما كانت تجوز قبل فيه ، وهو أن يدعو الناس أفواجاً وينصرفون .

والثاني : إنما يمنع من الصلاة على قبره ، لأن لا يتخذ مسجداً ؛ لقوله ( ص ) : ‘ لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ‘ .