پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص272

اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي ( ص ) فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنبٌ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول : ( وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) ( النساء : 29 ) فضحك رسول الله ( ص ) ولم يقل فيّ شيئاً .

فإذا تقرر بهذا الحديث جواز التيمم في شدة البرد إذا خاف التلف من استعمال الماء فتيمم وصلى انتقل الكلام إلى وجوب الإعادة ، وذلك يختلف باختلاف حاله فإن كان في حضر فعليه الإعادة ؛ لأن تعذر إسخان الماء في الحضر نادر ، وإن كان في سفر ففي وجوب الإعادة قولان ، وقال مالك وأبو حنيفة لا إعادة عليه مسافراً كان أو مقيماً ، وقال أبو يوسف ومحمد : إن كان مقيماً فعليه الإعادة ، وإن كان مسافراً فلا إعادة عليه ، فإذا قيل : بسقوط الإعادة وهو أحد القولين في المسافر ومذهب أبي حنيفة في المسافر والحاضر فوجه ما حكيناه من قصة عمرو بن العاص ، وأن النبي ( ص ) لم يأمره بالإعادة ولو وجبت لأبانها مع حاجة عمرو إلى معرفتها ، ولأن من سقط عنه فرض الماء بالتيمم سقط الفرض عنه بالتيمم كالمريض العاجز ، والعادم المسافر .

فإذا قيل : بوجوب الإعادة وهو المذهب في الحاضر ، وأحد القولين في المسافر فوجهه قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) ( المائدة : 6 ) وهذا ليس بمريض ولا مسافر عادم ، ولأن الأعذار النادرة لا تسقط معها الإعادة كالعادم للماء والتراب والأعذار العامة يسقط معها الإعادة كالعادم للماء في السفر وكالمريض في الحضر ، وتعذر إسخان الماء في البرد والخوف من استعماله عن الأعذار النادرة ، فلم يسقط معه الإعادة ، فأما حديث عمرو فإنكار النبي ( ص ) له دليل على وجوب القضاء ثم وكله في تصريح الأمر به على ما علم من علمه ، إذ قد استدل على مااستباحه من التيمم فلم يجب عليه موجبه والمرض والسفر من الأعذار العامة .

( مسألة : حكم تيمم من ببعض جسده قرح أو جرح )

قال الشافعي : ‘ وإن كان في بعض جسده دون بعض غسل ما لا ضرر عليه وتيمم لا يجزئه أحدهما دون الآخر ‘ .