پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص269

ولأنه تطهير لو قدر عليه لزمه فعله لأجل الصلاة ، فإذا عجز عنه لزمه فعل الصلاة ، أصله إذا كان على بدنه نجاسة عجز عن إزالتها بالماء ، لأنه لا فرق بين أن يعجز عن إزالة النجاسة لفقد الماء ، وبين أن يعجز عن تطهير الحدث بالتراب والماء ، ولأن كل عبادتين كانت إحداهما شرطاً في أداء الأخرى عند التمكن منها لم يكن العجز عن الشرط مسقطاً فرض المشروط لها كالتوجه والقراءة وستر العورة .

فأما الجواب عن قوله : ‘ مفتاح الصلاة الوضوء ‘ فهو أن لفظه وإن جرى مجرى الخبر فمعناه مضى الأمر والأوامر تتوجه إلى المطيق لها ، فصار ما اختلفنا فيه غير داخل في المراد به ، وأما قياسهم على الحائض ، فالمعنى فيها : أنها لما لم يلزمها فرض لم يلزمها فعلها ، وليس هو كذلك المحدث ، وأما قياسهم على الواجد للماء فالمعنى فيه أنه قادر على أدائها بالطهارة ، فلم يجز أن يفعلها بغير طهارة ، وليس كذلك العاجز عنها .

( فصل )

: إذا نوى المسافر في سفره مقام أربع ثم عدم الماء في مقامه فتيمم وصلى ، نظر ، فإن كان وقت عدمه في وطنٍ فعليه الإعادة كمن عدم الماء في مصر ؛ لأن الأوطان لا تبنى إلا على ماء وإن كان وقت عدمه في غير وطن ، فلا إعادة عليه والله أعلم .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ولا يتيمم مريضٌ في شتاء ولا صيفٍ إلا من به قرحٌ له غوراً وبه ضنىً من مرض يخاف أن يمسه الماء أن يكون منه التلف ، أو يكون منه المرض المخوف لا لشين ولا لابطاء برءٍ ، وقال في القديم : يتيمم إذا خاف إن مسه الماء شدة الضنا ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، والمرض هو الحال الثانية التي أباح الله تعالى التيمم فيها ، ويجوز التيمم في المرض مع وجود الماء ، وهو قول الجمهور ، وحكي عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح أنه لا يجوز التيمم في المرض إلا مع عدم الماء ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) ( المائدة : 6 ) إلى قوله : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) فلما كان عدم الماء في السفر شرطاً في جواز التيمم كذلك في المرض .

ودليلنا رواية الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن أبي أمامة عن أبي أمامة – واسمه أسعد بن سهل بن حنيف – أن النبي ( ص ) بعث رجلاً في سريةٍ فأصابه