پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص267

وقسم اختلف قوله فيه وهو الجمع بين الصلاتين فأحد القولين أنه لا يجوز إلا في سفر كالفطر ، والثاني أنه يجوز في طويل السفر وقصيره كالنافلة على الراحلة .

( فصل )

: فإذا ثبت أن لا فرق في التيمم بين طويل السفر وقصيره ، فالسفر على ثلاثة أضرب : واجب ، ومباح ، ومعصية ؛ فأما الواجب فكسفر الحج ، وأما المباح فكسفر التجارة ، التيمم فهو جائز ، وأداء الصلاة في الحالين صحيح ، وأما المعصية فكسفر البغاة وقطاع الطريق فإذا عدم فيه الماء تيمم وصلى ، وفي وجوب الإعادة وجهان :

أحدهما : عليه الإعادة ، لأن العاصي لا يترخص كما لا يقصر ، ولا يفطر .

والوجه الثاني : لا إعادة عليه لأن التيمم في السفر فرض لا يجوز تركه وليس كالرخصة بالقصر والفطر الذي هو مخير بين فعله وتركه .

والعاصي يصح منه أداء الفرض مع معصيته ، وأما العادم للماء في الحضر كالقرية التي ماؤها من بئر تغور أو عين تغيض أو نهر ينقطع فقد اختلف الفقهاء فيمن عدم الماء في الحضر في مثل هذه الحال على ثلاثة مذاهب :

أحدها : وهو مذهب الشافعي أن عليه أن يتيمم ويصلي ثم يعيد إذا وجد الماء .

والمذهب الثاني : وهو مذهب مالك أنه يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه .

والثالث : وهو مذهب أبي حنيفة أنه لا يتيمم ولا يصلي فإذا وجد الماء استعمله وصلى ، وهذه رواية زفر عنه ، وقد روى الطحاوي عنه مثل مذهب الشافعي فأما مالك فإنه استدل بأن من لزمه فرض الصلاة بالتيمم سقط عنه فرضها بالتيمم كالمسافر ، ولأنها طهارة إذا لزمت في السفر سقط بها الفرض فوجب إذا لزمت في الحضر أن يسقط بها الفرض كالوضوء والدليل عليه قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) فجعل للتيمم شرطين : هما السفر والمرض ، فلم يسقط الفرض إلا بهما ليكون للشرط فائدة ، ولأن السفر شرط أبيح التيمم لأجله ، فوجب أن لا يسقط الفرض بعقده كالمرض ، ولأنه مقيم صحيح ، فلم يسقط فرضه بالتيمم كالواجد للماء ، ولأن عدم الماء في الحضر عذر نادر ؛ لأن الأوطان لا تبنى على غير ماء ، وعدمه في السفر عذر عام والأعذار العامة إذا سقط الفرض بها لم توجب سقوط الفرض بالنادر منها كالعادم للماء والتراب .

وأما الجواب عن قياسه على المسافر فالمعنى في السفر أن عدم الماء في عذر عام ، وأما قياسه على الوضوء فالمعنى فيه ارتفاع الضرورة عنه .