الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص265
الانتقال عن العبادة لزم طلبه كالرقبة وعدم الماء شرط في جواز الانتقال ، فلزم فيه الطلب .
فأما الجواب عن قياسهم على العبادة بعد الطلب ، فممنوع منه لافتراق حال من تيقن العجز ومن لم يتيقنه كما لا يستوي حال من جهل القبلة من غير طلب وبين من عجز عنها بعد الطلب .
( فصل )
: فإذا ثبت وجوب الطلب ، فالطلب طلبان : طلب إحاطة ، وطلب استخبار ، فأما طلب الإحاطة فمستحق في رحله ومما تحت يده فيلتمس فيه الماء ظاهرا و باطناً ، إما بنفسه ، أو بمن يثق بصدقه ، وأما طلب الاستخبار فمعتبر في المنزل الذي حصل فيه من منازل سفره وليس عليه طلبه في غير المنزل الذي هو منسوب إلى نزوله فيستخبر من فيه من أهله وغير أهله بنفسه ، أو بمن يثق بصدقه عن الماء معهم ، أو في منزلهم فمن استخبر عن الماء الذي في المنزل لم يعمل على خبره إلا أن يثق بصدقه ، ومن استخبره عن الماء الذي بيده عمل على خبره صادقاً كان أو كاذباً ، لأنه إن كان كاذباً فهو كالمانع منه ، فإن وهب له المطلوب منه الماء لزمه قبوله ، لأن وجوب الطلب لاستحقاق القبول ، وكذلك لم يجب عليه طلب المال لزمه في الحج ؛ لأنه لو وهب له لم يجب عليه القبول ، فإن بقي في المنزل ناحية يرجو الماء فيها بنفسه راعاها بنفسه أو بمن يثق بصدقه ظاهراً لا باطناً بخلاف رحله ، وليس عليه طلب المال في غير منزله الذي هو منسوب إلى النزول فيه فإذا تحقق عدم الماء إحاطة واستخباراً تيمم ، فلو رأى بعد طلبه وتيممه سواداً أو راكباً لزمه طلب الماء منه ، فإن وجده استعمله ، وإن لم يجده أعاد التيمم ؛ لأنه بعد رؤية الراكب صار متيمماً قبل كمال الطلب ، ثم عليه في كل تيمم أن يعيد طلب الماء في غير رحله ، وليس عليه إعادة طلبه في رحله ؛ لأن عدم الماء في رحله يقين ووجوده في غير رحله مجوز .
( فصل )
: فإذا تقرر ما وصفنا من حال الطلب فلا يجوز إلا بعد دخول الوقت ؛ لأنه شرط من شروط التيمم ، فإن طلب قبل دخول الوقت وتيمم بعد دخول الوقت لم يجزه ، وهكذا لو تيمم أو طلب وهو شاك في دخول الوقت لم يجزه ، فلو أنه تيقن بعد شكه أن طلبه وتيممه صادف بعد دخول الوقت لم يجزه ؛ لأنه حين تيمم كان شاكاً في جواز تيممه ، فإذا دخل الوقت فطلب وتيمم فهل يلزمه تعجيل الصلاة عقيب تيممه أو يجوز له تأخيرها ما لم يفت الوقت ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي سعيد الإصطخري يلزمه تعجيل