الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص262
( قال الشافعي ) : ‘ وليس للمسافر أن يتيمم إلا بعد دخول وقت الصلاة وإعواز الماء بعد طلبه وللمسافر أن يتيمم ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن المقصود بهذا الباب بيان شروط التيمم التي لا يجوز إلا معها فالباب الأول بيان فرض التيمم التي لا يصح إلا بها . فأما شروط التيمم فقد أباحه الله تعالى في حالين هما : السفر والمرض ، قال الله سبحانه : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) ( المائدة : 6 ) إلى قوله : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) فأما السفر فلصحة التيمم فيه شرطان :
أحدهما : دخول وقت الصلاة التي يريد أن يتيمم لها .
والثاني : عدم الماء بعد طلبه .
فأما دخول الوقت فهو شرط في التيمم لصلاة الوقت ، فأما الصلاة الفائتة والنافلة فليس الوقت شرطاً في التيمم لها ، وإنما إرادة فعلها شرط في التيمم ، فإذا أراد أن يتيمم لفرض مؤقت يؤديه لم يجز أن يتيمم في وقته قبل دخول الوقت فإن تيمم أعاد ، وقال أبو حنيفة : يجوز أن يتيمم للصلاة قبل دخول وقتها استدلالاً بقوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) ( المائدة : 6 ) فأمر بالتيمم قبل الوقت الذي هو مأمور باستعمال الماء فيه ، فما كان مستعملاً قبل الوقت جاز أن يتيمم قبل الوقت وربما حرروا هذا الاستدلال من الآية قياساً فقالوا : كل وقت جاز فيه الوضوء جاز فيه التيمم قياساً على دخول الوقت ، قالوا : ولأنها طهارة يجوز فعلها بعد دخول الوقت فجاز فعلها قبل دخول الوقت كالوضوء ، قالوا : ولأن ما صح من التيمم بعد دخول الوقت صح قبل دخول الوقت كالمتيمم لفائتة والنفل . ودليلنا قوله تعالى : ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) ( المائدة : 6 ) إلى قوله : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) فاقتضى الظاهر المنع من الوضوء والتيمم إلا عند القيام