الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص260
والفرائض لا يجوز جمعها بسلام واحد ، فلم يجز أداؤها بتيمم واحد ، فإذا صح أن النوافل وإن كثرت جاز أن تؤدى بتيمم الفرض جاز له أن يصليها بعد الفريضة ؛ لأنها تبع فأخرت فأما إذا أراد أن يتنفل قبل الفريضة فقد نص الشافعي في الأم على جوازه كما يجوز بعد الفريضة ؛ لأن ما جاز أداؤه من الصلوات بالطهارة الواحدة لم يلزمه ترتيبه ، لأجل الطهارة .
وقال أبو سعيد الاصطخري من أصحابنا : لا يجوز أن يتنفل قبل الفريضة وإن جاز أن يتنفل بعدها ، وبه قال مالك لأمرين :
أحدهما : إن من شرط التيمم أن يكون مقترناً بالفرض من غير مفصل ، وتقديم النافلة فصل قاطع .
والثاني : أن النافلة تبع للفريضة ، ومن حكم التبع أن يكون متأخراً ، وكلا الأمرين من اعتلاله مدخول ، أما الأول في كونه فصلاً فغير صحيح ؛ لأنه مقدم مسنون تلك الصلاة فكان فعله بعد التيمم جائزاً كالأذان وإنما يكون قطعاً إذا طال التنفل بعد مسنوناتها مع اختلاف أصحابنا فيه ، وأما الثاني : بأنها تبع فليس يمتنع بأن يكون ما تقدم من النوافل تبعاً للفرض المتأخر كركعتي الفجر في تقديمهما على الصبح والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أراد أن يصلي على الجنازة بعد الفريضة بتيمم الفريضة لم يخل حالها من أحد أمرين إما أنه يتعين عليه فرضها أو لا يتعين عليه ، فإن لم يتعين عليه فرضها لوجود غيره ممن يصلي عليها جاز أن يصلي عليها بتيمم الفريضة ؛ لأنها سنة لها كالنوافل ، وإن تعين عليه فرضها لعدم غيره فعلى وجهين :
أحدهما : لا يجوز أن يصليها بتيمم الفريضة حتى يستأنف لها تيمماً لكونها فرضاً وهو قول أبي سعيد وأبي علي بن أبي هريرة .
والوجه الثاني : يجوز لأن الغالب من حالها أن فرضها غير متعين فكان حكم النادر ملحقاً بالأغلب وهو قول أبي العباس ، وأبي إسحاق فعلى هذين الوجهين لو تعين عليه الفرض في الصلاة على جنازتين فعلى الوجه الأول يتيمم لكل واحدة منهما ، وعلى الوجه الثاني يصلي عليهما بتيمم واحد ، فأما سجود الشكر والسهو والقرآن وحمل المصحف فكل ذلك يجوز أن يفعل بتيمم الفريضة إذ ليس بشيء منه يتعين عليه فرضه فإذا كانت عليه صلاة نذر فالصحيح أنه لا يجوز أن يصليها بتيمم الفريضة حتى يستأنف لها تيمماً ، لأنها فرض