الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص221
بحال فستة أشياء وهي التسمية وغسل الكفين ثلاثاً وتخليل الشعر والإفاضة على الرأس ثلاثاً والبداية بالميامن وإمرار اليدين على الجسد ، وقال مالك : إمرار اليدين على ما قدر عليه من الجسد فرض ، كما أن إمرار اليدين في التيمم فرض ، وهذا خطأ ، لقوله ( ص ) لأبي ذر : ‘ إذا وجدت الماء فأمسه جلدك ‘ ولأن استعمال الماء في الحدث لا يلزم فيه إمرار اليد على الجسد كالوضوء ، لأن ما وصل إليه الماء سقط فرض الجنابة عنه قياساً على ما لم تصل إليه اليد ، وليس يسقط عنه ذاك لعجزه لأن مالكاً يوجب على الأقطع استئجار من يمر الماء على جسده ، وإن كان عاجزاً ، وأما التيمم فهو مذرور لا يصل إلى جميع العضو إلا بإمرار ، وليس كذلك الماء لوصوله إليه بجريانه ، وأما الذي يختلف باختلاف الحال فشيئان :
أحدهما : غسل النجاسة فإن كانت على جسده كان غسلها فرضاً ، وإن لم تكن على جسده سقط فرضها .
والثاني : وضوءه للصلاة ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين إما أن يكون قد أحدث مع الجنابة أم لا ، فإن لم يكن قد أحدث لزمه الغسل ، وسقط عنه فرض الوضوء وكان مسنوناً في غسله لا فرضاً ، وإن كان قد أحدث فلا يخلو حال حدثه من أحد أمرين إما أن يكون قبل جنابة أو بعدها ، فإن كان حدثه بعد جنابة سقط حكمه لدخوله فيما هو أغلظ منه ، ولأنه لما دخل الجنب في الحدث كان دخول الحدث في الجنابة أولى ، فعلى هذا يكون الوضوء في غسله مسنوناً لا فرضاً ، وإن كان الحدث قبل الجنابة وهو الغالب من أحوال الجنب ، فقد اختلف أصحابنا هل يلزمه الوضوء بحدثه المتقدم والغسل لجنابته الحادثة أم لا ؟ على ثلاثة أوجه حكاها ابن سريج .
أحدها : أن عليه أن يجمع بين الوضوء والغسل ولا يجزئه الاقتصار على أحدهما ، والأولى أن يقدم الوضوء على الغسل ، فإن أخره أجزأه فيصير غاسلاً لأعضاء الوضوء مرتين : مرة عن حدثه فيرتبها ، ومرة عن جنابته فلا يرتبها ، ووجه ذلك أنهما حكمان مختلفان وجبا سببين مختلفين فوجبا أن لا يتداخلا ، وإن كان حكم أحدهما أعظم كالقتل والقطع في السرقة .
والوجه الثاني : أنه يسقط حكم التكرار ويبقى حكم الترتيب المستحق في الوضوء فيغتسل غسلاً واحداً يرتب فيه أعضاء وضوئه ووجه ذلك أن الأفعال إذا اتفقت تداخلت وإذا اختلفت لم تتداخل فلما كان غسل الأعضاء في الحدث موافقاً لغسلها في الجنابة دخل