الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص199
صفوان بن عسال أنه قال كان النبي ( ص ) يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيامٍ ولياليهن إلا من جنابةٍ لكن من بولٍ وغائطٍ ونومٍ ( قال المزني ) فلما جعلهن النبي ( ص ) ، بأمي هو وأمي ، في معنى الحدث واحداً استوى الحدث في جميعهن مضطجعاً كان أو قاعداً ولو اختلف حدث النوم لاختلاف حال النائم لاختلف كذلك حدث الغائط والبول ولأبانه عليه السلام كما أبان أن الأكل في الصوم عامداً مفطراً أو ناسياً غير مفطرٍ وروي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء ‘ مع ما روي عن عائشة من استجمع نوماً مضطجعاً أو قاعداً وعن أبي هريرة من استجمع نوماً فعليه الوضوء وعن الحسن إذا نام قاعداً أو قائماً توضأ ( قال المزني ) فهذا اختلاف يوجب النظر وقد جعله الشافعي في النظر في معنى من أغمي عليه كيف كان توضأ فكذلك النائم في معناه كيف كان توضأ واحتج في الملامسة بقول الله جل وعز ( أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ ) وبقول ابن عمر قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة وعن ابن مسعود قريبٌ من معنى قول ابن عمر واحتج في مس الذكر بحديث بسرة عن رسول الله ( ص ) : ‘ إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ‘ وقاس الدبر بالفرج مع ما روي عن عائشة أنها قالت إذا مست المرأة فرجها توضأت واحتج بأن النبي ( ص ) قال : ‘ من أعتق شركاً له في عبد قومٍ عليه ‘ لكانت الأمة في معنى العبد فكذلك الدبر في معنى الذكر ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح وقد ذكرنا ذلك من قبل ودليله الإجماع وهو ما روي أن عمر بن الخطاب سمع في الصلاة من خلفه صوتاً فلما سلم من الصلاة قال عزمت على من كان ذلك منه إلا قام فتوضأ وأعاد الصلاة فلم يقم أحدٌ ، فقال له العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : لو عزمت على جماعتنا يا أمير المؤمنين فقال عمر عزمت عليكم وأنا معكم ثم قام فتوضأ وتوضؤوا وأعادوا الصلاة جميعاً ولم يستنجوا فكان ذلك إجماعاً منهم على سقوط الاستنجاء منه فبطل به قول من ذهب من الخوارج إلى وجوب الاستنجاء منه .
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وما كان سوى ذلك من قيءٍ أو رعافٍ أو دمٍ خرج من غير مخرج الحدث فلا وضوء في ذلك كما أنه لا وضوء في الجشأ المتغير ولا البصاق لخروجهما من غير مخرج الحدث وعليه أن يغسل فاه وما أصاب القيء من جسده بوجهه فخرج منها دم فدلكه بين إصبعيه ثم قام إلى الصلاة ولم يغسل يده وعن ابن عباس اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك وعن ابن المسيب أنه رعف فمسح أنفه بصوفةٍ ثم صلى وعن القاسم ليس على المحتجم وضوء ‘ .