پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص192

اعترضوا على هذه الأخبار بثلاثة أسئلة أحدها أن قالوا : وجوب الوضوء من مس الذكر مما يعم به البلوى ، وما عمت به البلوى لا يقبل فيه أخبار الآحاد حتى يكون نقله متواتراً مستفيضًا والجواب عنه أن هذا أصل بخلافكم فيه وليس يجب أن يكون بيان ما ( يعم ) به البلوى عاماً بل يجوز أن يكون خاصاً وآحاداً على حسب ما يراه صاحب الشرع من المصلحة في العموم والخصوص ، على أن البيان وإن وجب أن يكون عندهم عاماً فليس يلزم أن يكون نقله متواتراً عاماً ، ثم قد خالفوا هذا الأصل في بيان الوتر ونقض الوضوء بالقيء وغير ذلك .

والسؤال الثاني : أن قالوا : المعول من هذه الأخبار على حديث بسرة وهو ضعيف ، قال يحيى بن معين : ثلاثة أخبار لا تصح عن رسول الله ( ص ) :

أحدها : حديث بسرة في مس الذكر .

والثاني : خبر الحجامة .

والثالث : كل مسكر حرام ، قيل المحكي عن يحيى بن معين في حديث بسرة غير هذا ، قال رجاء بن المرجا الحافظ : كنت في مسجد الخيف بمنى مع أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ويحيى ين معين فاجتمعوا على صحة حديث بسر . فإن قيل فلما رواه مروان لعروة قال له عروة : إني أشتهي أن ترسل إليها وأنا شاهد فأرسل إليها حرسياً فأتى من عندها فقال قالت : إن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من مس فرجه فليتوضأ ‘ ، والحرسي شرطي لا يقبل له حديث ولا يحتج عنه برواية لشهرة فسقه ، قيل قد كان أهل الحرس في ذلك الزمان أهل عدالة وأمانة . ولولا أنه كان بهذه الحال لم يقنع عروة بخبره ، ويستظهر به على مروان ، على أنه قد روى أن عروة لقي بسرة وسألها فأخبرته ، ثم يقال لهم ولم إذا وردت أخبار في حكم يعتمدون على أحدها بالقدح ولو اقتصر على ما سواه لأقنع .

السؤال الثالث : أن قالوا نستعملها لأجل حديث قيس بن طلق على استحباب الوضوء وعلى غسل اليدين .

والجواب عنه أنه لا يصح حمله على الاستحباب لأن الأمر به يقتضي الإيجاب ، ولا على غسل اليد لأن أحداً لم يقل به ثم كيف يجوز مع كثرة أخبارنا وانتشارها وصحة طرقها وإسنادها يعارضونها بحديث قيس بن طلق وهو ضعيف ، قال الشافعي رضي الله عنه : سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يجوز له قبول خبره وقد عارضه من وصفناه ثقة ، ورجاحته في الحديث ، ثم يكون الجواب عن حديث قيس إذا سلمنا من وجهين :

أحدهما : أنه منسوخ بتقدمه وتأخير أخبارنا لأن قيساً يروي عن أبيه قال : أتيت مسجد